الموقع قيد التحديث!

مكانة المرأة في ألمجتمع التّوحيديّ

بقلم الأستاذ مالك صلالحه
بيت جن

من أكثر الكتب الّتي كُتِبت حول مكانة المرأة، هو كتاب (مكانة المرأة في مجتمع الموحِّدين الدّروز بين الأمس واليوم)، للمؤلِّفة أديل حمدان تقيّ الدّين، الصّادر عن دار الحكمة في بيروت.2007. خاضت المؤلِّفة في مكانة للمرأة ألتّوحيديّة، وألقت الضّوء على المكانة المرموقة الّتي منحها لها مذهب التّوحيد.. هذه المكانة الّتي لم يمنحها أيّ دين أو مذهب توحيديّ، كان أيًّا كان، في جميع الشّعوب حول العالم، حيث سبق العالم المُتحضّر في أيّامنا بحوالي ألف عام، فقَبْل نشؤ الدّعوة التّوحيديّة، في بداية القرن الحادي عشر ميلادي، كانت وما زالت المرأة حتّى في المجتمعات المتحضّرة، تناضل من أجل حقّها الطّبيعيّ بالمساواة مع الرّجل، أمّا في المجتمعات المتخلِّفة والبدائيّة فحدِّث ولا حرج!

(فلا شكّ أنّ المرأة عانت من التخلّف والركود عبر العصور، جرّاء تسلّط الرّجل في المجتمعات المختلفة في العالم، حيث كان هو صاحب السّلطة والمرجع الأوّل والأخير، ومُشرّع القوانين، وصاحب القرارات الصّعبة، وكانت المرأة والأولاد في حمى الرّجل، يحكمهم ويحافظ عليهم.

لكنّ بالرّغم من كلّ ذلك، لم يخلُ عصر من نساء اِخترقن الحواجز وبرزن وأخذن مكانًا قياديَّا ومتقدمًّا في المجتمع، وفي الحكم بالذات، بالرّغم من وجود رجال كفؤين حولهم)

فها هي الكاتبة أديل في الفصل الأوّل من الكتاب تكتب:(لقد خصّ الله المرأة والأنثى بوجه عام، فاختارها من بين جميع مخلوقاته، وأنعم عليها بنعمة الأمومة، ليكون عطاؤها أسمى وأروع ما يمكن أن يكون عليه العطاء، ألا وهو المشاركة في الخلْق والإبداع في استمرار الحياة على الأرض)

فلا شيء يُوازي أو يُداني الأمّ في محبّتها، فحبّ الأمّ ومحبّتها الصّادقة لا تستند إلى أطماع ذاتيّة، فهي تُضحّي بلا حدود، وتسامح وتغفر دون أنانيّة، وتعمل أعمالًا مُضنية، دون كللٍ أو مللٍ، فهي تمتلك هذه الصّفات بالفطرة دون تكلّف أو تعلّم، فإنّ المرأة هي معجزة الله في خلقه.

(فهي مُلهمة الشّعراء والفنّانين والأدباء. ومحركّة الهمم، ومُلهبة المشاعر، والدّاعية إلى المحبّة والوئام، وهي ملاك الرّحمة ومخفّفة الآلام، ومُواسية البؤساء والحزانى، وحاضنة الأيتام، وتبقى أبداً مصدر المشاعر والوجدان).

فمنذ بداية الخليقة عملت إلى جانب زوجها يدًا بيد، وجنبًا إلى جنب، بجوار ابنها أو أخيها، لتأمين حاجات البيت الأساسيّة، من طعام وشراب وكساء على مدار السّنة، في جميع الأعمال، وتُحافظ على التّراث والتّقاليد والقيَم والأفكار والعادات الّتي قام عليها المجتمع، وتعمل جاهدة لتمريرها إلى الأبناء والأحفاد. (وقد سجّل التّاريخ أسماء الرّائدات وأعمالهن بحروف من نور). (ولقد اقترنت أسماء بعض النّساء عبر التّاريخ بأسماء العظام من الرّجال، بما تميّزن به من فطنة وذكاء ووفاء… وأبقى أسماءهن في الذاكرة الجماعيّة العالميّة حتّى يومنا هذا، وقد أُعْطي لدورهن قدسيّة لم يجرؤ أحد على طمسها أو محوها.. نذكر منهن السّيّدة مريم العذراء والدة السّيّد المسيح، والسّيّدة فاطمة الزّهراء ابنة الرّسول (صلعم) وزوجة الإمام علي (ك)، والسّيّدة خديجة زوجة النّبي (صلعم)، وحفيدته زينب أخت الإمام الحسين (ر).

(وكثيرات هنّ النّساء اللّواتي تبوّأن مراكز الحكم في العالم خصوصًا الحرّ، نذكر منهنّ: الملكة بلقيس، وشجرة الدّرّ، والملكة أروى في اليمن، وملكة تدمر زنوبيا، وكليوبترا ملكة مصر، ونفرتيتي زوجة الفرعون أمنحوتب، والكثيرات غيرهن.)

جاء هذا ليُذكّرنا ذلك بأبيات الّشاعر العربي الكبير المتنبّي في رثاء والدة سيف الدّولة الحمداني حين قال:

فما التأنيث لإسم الشّمس عيبٌ      ولا التّذكير فخرٌ للهلال

فلو كان النّساء كما فقدنا        لفُضلّت النّساء على الرّجال

 وهذا ينطبق على المجتمع التّوحيديّ (فللمرأة دور فاعل قامت به طوال قرون خَلَت، واستمرت بالقيام به فحافظت على استقرار هذا المجتمع وتماسكه في حياة أفراده ومؤسّساته، أخصّ بالذّكر مؤسّسة العائلة، الّتي يعتبرها هذا المجتمع كيانًا مُقدَسًا، يختصُّ مجتمع الموحِّدين الدّروز، بقيَمِه وتقاليده ومبادئه، فيُحافظ جميع أفراده على استقرار العائلة وهنائها)

فهناك من النّسوة مَن وصلْن إلى مرتبةٍ عاليةٍ من التّقوى والعبادة والتقشّف، كالسّيدات والسّتّات سعدى ونبيهة تقيّ الدين، وفاخرة القاضي، وأم علي فاخرة البعيني، وهناك نسوة كثيرات كرّسن حياتهنّ للصّلاة والعبادة ونسخ كُتُب الحكمة.

وهناك عدد منهنَّ من دخلن الجامعات، وحصلن على شهادات جامعيّة عالية، كالسّيّدة نازك أبي خزام، كما توصلّت إلى مرتبة عالية في التعبُّد والتقشُّف، ومثلها السّيّدة سميرة وهّاب.

وهناك نسوة ممّن تبوّأن مناصب قياديّة وسياسيّة، كالست حبوس أرسلان، والسّت نايفة جنبلاط، والسّت نسب والدة الأمير فخر الدّين المعنيّ الثّانيّ، ولا ننسى دور السّت سارة صاحبة العفاف والطّهارة، قريبة سيّدنا بها الدين عليه السّلام، الّتي اختراها لترأس وفدًا من مشايخ رجال الدّين، مُنطلِقَة بهم من القاهرة في مصر حتّى وادي التّيم في لبنان، رغم مخاطر الطّريق وصعوبته،

كذلك في بلادنا، خاصّة في السنوات الأخيرة، انطلقت الفتاة والمرأة لتخوض مجال التعليم، والالتحاق بالمعاهد العليا، لتصبحن طبيبات ومهندسات ومحاميّات ومديرات لمؤسّسات تربويّة وتعليميّة وثقافيّة واجتماعيّة واقتصاديّة، فبعضهن من حصلن على لقب بروفسورة كالنّساء الفاضلات نذكر منهنّ على سبيل المثال لا الحصر: المحاضرة السّيّدة حوريّة صعب، والسّيّدة رندة عبّاس مديرة كليّة إعداد المعلِّمين والمعلِّمات في حيفا.

 هناك ايضاً نساء وفتيات حصلن على شهادة الدكتوراة نذكر على سبيل المثال: ريموندا بدر، ختام حسين، رباب حسين، عليا القاسم، جهان فرهود، نسرين حسين، رانية فراج، حنان فرهود، سمر فراج، نهى جابر بدر ، روزان خير فراج، انشراح صغير شنان، ياسمين منصور عدوان، هديل أبو فارس كمال، بتلة فلاح فراج، رغدة زيدان سويد، رؤيا إبراهيم نجم، نيفين  لطفي سعد، عنان فارس فلاح، كاملة علم الدين بدرية، يرين حلبي حديد، سوسن أبو ركن حديد، هيام نصر الدين، مها ناطور، سوسن قرا، عناب قدور فرو، عواطف أبو حية، إخلاص ملا، نجاة صالح، سعاد أبو ركن، رنا أبو عسلة، دالية بيراني نصر الدين، دالية، وغيرهنّ كثيرات وحاولت التّعرّف على المزيد، لكن لم يتسنّ لي أن أتعرّف على أسمائهنّ.

كما أن هناك نساء خُضن غمار السّياسة والإعلام كالسيدة: غدير مريح كمال إعلاميّة وأول عضوة برلمان درزيّة، والسّيّدة سوسن ناطور حسون، مديرة قسم العلاقات الاقتصاديّة في الشرق الأوسط في مكتب وزارة الخارجيّة، وفي مجال المجالس المحلية هناك عضوة المجلس المحلي الأولى في بيت جن، مصمّمة البناء عفراء زايد صلالحة:

في مجال الإعلام هناك: الإعلامية السّيّدة غالية سميح ناطور قدور، والإعلاميّة السّيّدة ميعاد وجيه كيوف ناطور، والإعلامية إيمان القاسم سليمان.

أضف إليهن نساء وفتيات برزن في سلك التّعليم والثقافة كمثال: السّيّدة آية جدعان عبّاس خير الدّين مفتّشة عامّة. والسيدة غصون عطيلة خطيب، والسّيّدة سونيا زين الدّين مديرة مركز تطوير المعلّمات والمعلّمين المنطقي في البقيعة. والقائمة طويلة وأستميح الفتيات والنساء اللّواتي إن نسيت بعضهن ولم آت على ذكرهن فلهن جميعًا جلّ تقديري واحترامي.

مقالات ذات صلة: