جمعها المرحوم الشّيخ سميح ناطور والّتي ستصدر قريبًا ضمن كتاب شرع بإعداده قبل وفاته تحت عنوان: “الذّاكرة الدّرزيّة” وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التّوحيد
ماذا كان موقف الشّيخ أبو علي محمد حسين فارس مع الإقطاعيّ؟ماذا كان موقف الشّيخ أبو علي محمد حسين فارس مع الإقطاعيّ؟
يُحكى أنّ زعيمًا كان يحضر مجلس الذّكر في قرية حرفيش، لكنّه كان مخالفًا لبعض الأمور الدّينيّة الّتي تمنعه من الحضور. ولم يكن لأحد الجرأة على إعطائه أيّ ملاحظة، فطلب المشايخ من الشّيخ أبو علي محمد حسين فارس المتوفّى عام 1914، أن يوجّه البُعدة له. فقام المرحوم أبو علي بهذه المهمّة وطلب من الرّجل الخروج من مجلس الذّكر قائلًا له: لا يخطر للمشايخ تلاوة الذِّكر عليك لأسباب أنت تعرفها. وقف الزّعيم وترك المكان دون معارضة وجدال. وفي ذلك الوقت كانت قرية حرفيش ترضخ تحت إقطاعيّة عائلة من عائلات صفد، وكانت هذه العائلة تأخذ ربع المحاصيل من المزارعين الشّركاء. ولمّا ألقى الشّيخ أبو علي البُعدة على أحد الأشخاص في القرية لقيامه بعمل يستحقّ إبعاده من مجلس الذِّكر أتى هذا الإقطاعيّ إلى بيت الشّيخ وأحضر له الطّعام ودعاه لتناوله. غير أنّ الإقطاعيّ قال للشّيخ: لن نأكل حتّى تسلِّم فلانًا. فوقف المرحوم الشّيخ أبو علي وقال للزّعيم: أنتَ شريكنا على أرضنا ومش شريكنا على ديننا. إذا أردتَ أن تأكل فأهلًا بك؟ وإذا لم ترد فافعل ما تشاء. عرف الإقطاعيّ أنّه تعجّل في الكلام فأكل وانصرف خائبًا.
المرجع: كتاب “مناقب الأعيان” للشيخ فرحان العريضي – الجزء الرابع – ص277
أيّ درس أعطى الشّيخ أبو نايف حسين عليان عند استشهاد نجله؟

الشّيخ حسين من وجهاء الطّائفة الدّرزيّة في القرن العشرين، ونائب رئيس بلديّة مدينة شفا عمرو (1910-1967)، قاضٍ في المحكمة الدّينيّة الدّرزيّة وشيخ دين تقيّ، فُجع بفقدان نجله سليم أثناء خدمته العسكريّة، ولما أُبلِغ بذلك جاء إلى زوجته هادئ الأعصاب وسألها: إذا أخذنا وديعة من أحد فهل يجب أن نعيدها إذا طُلبت منا، أو نصرّ على الاحتفاظ بها؟ أجابت: نحن متديّنون وعلينا إعادة الوديعة إذا طُلبت. فقال لها: الله سبحانه وتعالى منحنا ولدًا معافى بطل سعدنا بوجوده فترة، والآن يسترجعها. العوض بسلامتك، سليم استُشهد ثناء خدمته العسكريّة، الله يصبّرك ويصبّرني وكلّنا سائرون في هذا الطّريق وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وقد ضرب بذلك مثلًا في الصّبر والرّضوان والتّقوى والاحتمال والذعن لقضاء الله سبحانه وتعالى.
المرجع: كتاب “الدروز – شيوخ، أعيان وأعلام” تأليف الشيخ سميح ناطور – ص196
كيف صارع الشّيخ النّمر ونجا؟
وقعت هذه الحادثة في العقد الخامس من القرن التّاسع عشر حيث كانت الحيوانات المفترسة ما زالت تتجوّل في بلادنا بسبب قلّة كثافة السّكّان. وكان كثيرون في ذلك الوقت يعتمدون على الصّيد، وفي إحدى جولات الصّيد في الكرمل الّتي اشترك بها أبو ذياب يوسف فرحات أشهر صيّادي المنطقة، وأثناء تجوال الصّيّادين التقوا بنمر مخيف في منطقة تُسمّى “ملّات الرّيش”، فأطلقوا عليه النّار، جُرح ولم يمت، عندها تسلّق الصّيّادون الأشجار هروبًا من النّمر. أمّا الشّيخ أبو نايف صالح نصر الدين لم يكن بالقرب من شجرة ليتسلّق عليها، فوثب النّمر المصاب عليه، لكنّ أبا نايف لم يفزع منه، ودارت بينه وبين النّمر معركة أكّدت شجاعة ورجولة أبي نايف حيث نجح أن يثبّت النّمر على الأرض، عندها أسرع الشّيخ أبو ذياب يوسف فرحات والشّيخ أبو سعد فرحات بإطلاق الرّصاص مباشرة على رأس النّمر فأردوه قتيلًا قبل أن يفتك بعنق الشّيخ صالح الّذي أصيب بجراح، فحمله الصّيّادون على فرسه وعادوا إلى القرية منتصرين.
المرجع: كتاب “حماة الكرمل” للشيخ حسين نصر الدين – ص34
كيف حكم الشّيخ الذّكيّ بين شخصيْن تنازعا على أرض؟
تخاصم في إحدى القرى أخوان حول قطعة أرض، فادّعى كلّ واحد منهما أنّها له ومُلكه، وأنّه لا حقّ لأخيه فيها، ووصل النّزاع بينهما أشدّهُ، وكادت أن تقع بينهما فتنة شديدة، فتدخّل المصلحون ورجال الخير، وحاولوا التّوفيق وتهدئة الخواطر، لكن دون جدوى. وكان يعيش في المنطقة شيخ زاهد تقيّ، يحتكم إليه النّاس، يبتّ بالعدل والإنصاف دون محاباة ولا تحيُّز لأحد، وإنّما يحكم بما يوحي به ضميره. وبعد جهد جهيد، وافق الأخوان أن يحكم الشّيخ فيما بينهما، قابلين قراره، لِما عُرف عنه من نزاهة وعدل واستقامة. جاء الأخوان إلى الشّيخ، وصرّح كلّ منهما بما عنده، قائلًا إنّ الأرض ملكه وهي له وليست لأخيه. سمع الشّيخ كلام الأخويْن، ورأى أن الصّراع شديد، وأنّه لا أمل في المهادنة، أو قبول حلّ وسط. فكّر الشّيخ برهة ثمّ قال للحضور، ومن بينهما الأخويْن: “فلنسأل الأرض ما رأيها!” وانبطح الشّيخ على الأرض، وتهامس معها، أمام استغراب الحضور واستهجانهم. وبعد مرور وقت، اعتدل الشّيخ في جلسته، وساد الصّمت في المكان، وترقَّب الجميع ماذا سيقول. فوقف الّشيخ وتفرّس في وجوه الحاضرين، وكأنّه سيقول شيئًا جللًا، وحدّق في عيون الأخويْن وقال: “سألت الأرض لمن هي من الأخويْن، فأجابتني الأرض، أنها ليست لأحد منهما، وإنّما هما لها، ومصيرهما إليها!!!”. v
المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 103