الموقع قيد التحديث!

 كتاب “المدوّنات الفيصليّة” للكاتب فيصل المصريّ

بقلم الأستاذ مالك حسين صلالحه
بيت جن

تزيد المطالعة اليوميّة من المعلومات الجديدة والممتعة المفيدة جدًّا في الحياة اليوميّة، فكلّما حصل الشّخص على معرفة مفيدة من القراءة كلّما أصبح متجهّزًا بشكل أفضل لمواجهة التّحدّيات الّتي تواجهه في الحياة، فالمعرفة غذاء للعقل لا يمكن أن يُفقد وحتّى في أكثر الأوقات والظّروف العصيبة، على عكس الأشياء الأخرى الّتي يستمرّ الإنسان في جمعها كالممتلكات، والأموال، والعمل، والصّحّة وغيرها من الأشياء الّتي قد يفقدها الإنسان، إلّا المعرفة الّتي تبقى في عقل الإنسان دائمًا. (موقع موضوع ا في الإنترنيت -أكبر موقع عربي في العالم)

من هذا المنطلق أصبحتُ أعشق المطالعة حتّى صرت مدمنًا عليها، ولذا تراني أينما ذهبت يشدّني زيارة المكتبات ومعرض الكتب كي أبحث عن ضالّتي بين الكتب الّتي تستهويني قراءتها، وقد حالفني الحظّ عندما زرت مؤخّرًا معرض الكتاب في المركز الجماهيري في قريتي بيت جن لصاحبه الأخ بهاء ناصر من كفر سميع، وقد شدّني رؤية كتاب بعنوان (المدوّنات الفيصليّة) للكاتب فيصل المصري الموحِّد(الدّرزيّ) المُغترِب في أمريكا.

يقع الكتاب في 368 صفحة من الحجم المتوسِّط 17/21 ضمّنه عشرات المقالات والأبحاث تناولت تاريخ وتراث ومواقف رجال ونساء من بني معروف، كانوا قد تركوا بصمات رائعة على جبين التّاريخ وقناديل مضيئة تشعّ في سماء العالم عامّة وعالمنا العربيّ خاصّة.

لقد عمل الأخ فيصل جهدًا مباركًا في الرّدّ على الأقلام المأجورة والمُسيّسة الّتي آلت على نفسها أن تكون بوق دعاية فارغ للسّلطة لتمسح الجوخ وتُقبّل الأيادي وتمسح الأحذية ولتموّه حقائق ساطعة كالشّمس ، متجاهلة هؤلاء الأبطال والقامات العالية الّتي سطّرت أروع السُّطور في تاريخ مشرقنا العربيّ من خلال مواقفها وحروبها وصراعها مع المستعمرين والغزاة، وكلُّ مَن حاول النّيل منها كطائفة عربيّة معروفيّة لها كيانها ووجودها، وبقيت صامدة في وجه كلّ المجازر والمحن والتّعدّيات الّتي جابهتها، وليبقى جبينها عاليًا رغم الحاسدين والمغرضين، ممَّن يحاولون تزييف التّاريخ وتشويه تاريخها وتراثها والتّعدّي على معتقداتها، متجاهلين بقصد مع سبق الإصرار ذلك كمسلسل باب الحارة (الحمارة)، ناسين أنّ  فرسان بني معروف وعلى رأسهم المرحوم الباشا سلطان ، هم أوّل من رفع العلم العربيّ على دار السّرايا العثمانيّة في دمشق ،وبني معروف كالشّمس وأنّ الشّمس لا تُغطّى بغربال، وأنّهم سيبقون كما قال شاعر العروبة الكبير المرحوم سميح القاسم:  “مرفوع الهامة أمشي ” ، أمّا هم فسيلقون مصيرهم في مزبلة التّاريخ.

إنّ هذا الكتاب (المدوّنات الفيْصليّة) حريّ أن يكون في كلّ بيت وأن يطّلع عليه القاصي والدّاني لكي يعرف الحقيقة الّتي يحاول بعض الصّحفيين والمتّستّرين تحت لباس الدّين من أئمة مأجورين ومُسيّسين يطلقون الفتاوى على غيّهم، ممّن باعوا ضمائرهم من أجل المال وكسب رضا جلّاديهم مقابل حفنة من المال.

إنّ الكتاب يحتوي على عشرات المقالات الّتي تلقي الضّوء على تاريخ وتراث الطّائفة المعروفيّة، ومَواقف رجالها الأبطال في الميادين المختلفة كالمرحوم سلطان باشا الأطرش والأستاذ كمال جنبلاط وداعية العروبة والإسلام شكيب أرسلان والأمير مجيد أرسلان، وفخر الدّين المعنيّ الثّاني والبطل نوّاف غزالة وغيرهم الكثيرون، كما هو الحال مع نساء بني معروف اللّواتي لعبن أدوارًا مشرِّفة في كافّة المجالات كالسِّتّ نظيرة جنبلاط والسِّتّ نايفة جنبلاط والسِّتّ زِهِر أبي اللمع…

إلّا أنّي اخترت أن اكتب وأقتبس ممّا كتبه الأخ فيصل عن سيّدنا النّبيّ شعيب عليه السلام، الّتي تتزامن زيارته في 25 من نيسان في كلّ عام.

بدأ الكاتب بمقالات شيّقة عن بني معروف منذ بدء الدّعوة في القرن الحادي عشر ميلادي باحثّا ومُبيِّنا بالبراهين الدّامغة نقاوة تاريخ وتراث ومواقف بني معروف عبر القرون السّابقة حتّى أيامنا هذه.

مع تزامن الزيّارة التّقليديّة في 25 نيسان من هذه السّنة لمقام سيّدنا شعيب عليه السّلام حيث يُلقي الكاتب الضّوء على “كون سيّدنا شعيب عليه السّلام جذوره متأصِّلة في تاريخ المعتقدات الإيمانيّة والوجدانيّة بين الشّعوب قبل هبوط الأديان السّماويّة الثّلاثة على الأرض والّذي أطلق عليهم “العرفانيّون أو الغنوصيّون ومنهم الموحِّدين الدروز”

 حيث يقول كمال جنبلاط المعلِّم والفيلسوف الكبير   ورئيس الحزب التّقدميّ الاشتراكيّ في لبنان: ” إنّ العرفان هو في كلّ دين وفلسفة منذ فجر التّاريخ، منذ آدم وأخنوح وهرمس والفلاسفة اليونانيّين وفلاسفة الإسلام وإخوان الصّفا والصّوفيّة والباطنيّة… ويضيف: إنّ سيّدنا شعيب عليه السّلام هو أبرز هؤلاء العلمانيّين وأتباعه هم العرفانيّون في كلّ عصر وزمان ومنهم الموحِّدين(الدّروز).. هؤلاء العرفانيوّن هم الموحِّدون الدّروز الّذين آمنوا برسالة آدم ونوح وإبراهيم وشعيب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم.. وهم الّذين حملوا هذه الرّسالات بمفاهيمها العرفانيّة والباطنيّة وتمسّكوا بالدعّوة التّوحيديّة (الملقبة خطأ بالدّرزيّة الّتي تبرّأ منها الموحِّدون وقتلوا داعيتها آنذاك (الملعون نشتكين الدَّرزي).

فيما بعد لقد عاش النّبيّ شعيب عليه السّلام بعد النّبيّ إبراهيم، ويُعتبر أحد أنبياء العرب في القرآن الكريم مثل صالح وهود وإسماعيل ومحمد عليهم السّلام جميعًا”.

يشرح المؤلِّف في كتابه قصّة النّبيّ شعيب عليه السّلام مع قومه مدين، وما حلّ بهم لغشِّهم في الكيل والميزان وعبادتهم للأيكة والوثنيّة وعندما تحدّوه أصابهم ما أصاب قوم عاد وثمّود. موضِّحًا الكاتب سبب تسميته بخطيب الأنبياء لفصاحته وحلاوة عباراته وبلاغته في دعوة قومه للإيمان بالله الواحد الأحد.

ويلقي الضّوء على كيفيّة نجاح فضيلة سيّدنا الشّيخ أبو يوسف أمين طريف رحمه الله، ونجاحه بتثبيت مُلكيّة وحقّ الطّائفة التّوحيديّة للطّائفة الدّرزيّة بعد جولات وصولات عديدة وجهد جهيد في أروقة المحاكم، ليصبح هذا المقام الشّريف قِبلة أنظار الموحِّدين في مختلف أرجاء العالم يحجّون لزيارته ويتمنّون تقبيل عتابه. لا ينسى أن يذكر قصّة المقام مع صلاح الدّين الأيّوبيّ الّذي نذر أن يبني المقام بعد انتصاره على الصّليبيين في معركة حطّين الفاصلة سنة 1179 م والّتي أبلى فيها الفرسان الدّروز بلاء حسنًا رغم فضاضته وقسوته وحرقه لدار الحكمة الّتي ضمّت ملايين الكتب آنذاك، وتنكيله بالموحِّدين والقضاء عليهم بمئات الآلاف وعلى كلّ أثرٍ للدّعوة التّوحيديّة وأتباعها في مصر زمن الدّولة الفاطميّة، ولا زال البناء القديم من عقود وأقبية الّتي بناها قائمة حتّى اليوم.

يضيف الكاتب عن محطّات هامّة في تاريخ المقام مثل: بناء وترميم المقام عام 1882م، والإعلان عن 25 نيسان من كلّ عام زيارة عموميّة لكلّ من يرغب من دروز الشّرق الأوسط والعالم.v

مقالات ذات صلة:

قطرات من بحر المعرفة

جاء في حكمة هرمس الحكيم: لم يولد الإنسان لمعنى من المعاني إلّا للعلم والعمل به.  وقيل: المعرفة أساس الخير كلّه.