الموقع قيد التحديث!

قريةُ يِرْكا: متى بدَأَ الاستيطانُ بها؟ ومتى ذُكِرَت لأَوَّلِ مرَّةٍ في التَّاريخِ؟ ومن أَين أَتى اسمُها؟

بقلم البروفيسور علي الصغيَّر

نحن نعتقد أَن بداية الاستيطان البشري في قرية يِرْكا كانت في العصر البرونزي الباكر، الذي يُطلق عليه أَيضًا إِسمُ الفترة الكنعانيَّة الباكرة، وبداية ذلك العصر، أَو بداية تلك الفترة، كانت حوالي عام 3,300 قبل الميلاد، ونهاية تلك الفترة، أَو نهاية ذلك العصر، كانت عام 1,200 قبل الميلاد تقريبًا، والبلدة لا تزل مأْهُولة بالسُّكَّان بشكلِ متواصل منذ تلك الأَيَّام وحتَّى هذه الأَيَّام الرَّاهنة، أَي على مدى مدَّة 5,000 سنة تقريبًا، وهي مأْهُولةٌ بالدُّرُوز مُنذ دعوة التَّوحيد الدُّرزيَّة ونشر المذهب الدُّرزي في القرن الميلادي الحادي عشر (1017 – 1043 بعد الميلاد). نحن نعتقد ذلك استنادًا إِلى كُسُور الأَواني والأَدوات الخزفيَّة والأَدوات المَعْدِنيَّة التي جمعناها من القرية وحواكيرِها، ومُحيطِها القريب، خلال العُقُود الثَّلاثة الأَخيرة، ونحن كُنَّا قد جَمَعْنا كُسُورًا كثيرةً خصوصًا على المُنحدر الجنوبي للقرية، على بُعد عشرات الأَمتار بخطٍّ هوائِيٍّ من الطَّرف الجنوبي للخلوة الموجودة على بُعد مسافة قصيرة إِلى الجهة الجنوبيَّة الغربيَّة من ساحة القرية، المعروفة عندنا بالاسم “أَلحارة”. في ذلك الموضع تواجدت لمدة طويلة من الزَّمان؛ رُبَّما لمئات السنين أَو رُبَّما حتَّى لآلافها، ولو كان ذلك بشكلٍ مُتقطِّع، كومةٌ كبيرةٌ من النُّفايات المنزليَّة، وفي تلك الكومة كان سكَّان القرية، وعلى الأَقلِّ سكَّان الأَحياء القريبة من ذلك الموضع، يُلْقْوْنَ نُفايات منازلهم، ولا بُدَّ أَنَّ كُسُور الأَدوات الخزفيَّة التي جمعناها كانت من ضمن تلك النُفايات، ومن الجدير بالذِّكر أَنَّ بحثًا أَثرِيًّا مُنظَّما من قَبَل دائرة الآثار لم يُجْرَ في القرية، وكلُّ ما أُجْرِيَ بداخل القرية كان بحثًا لمُحتوياتِ مغارةٍ واحدةٍ لدفن الموتَى تعود إِلى الفترة البيزنطيَّة، وكان ذلك في آخر سنوات السِّتِّين من القرن الماضي.

طيلة العصر الكنعاني كانت الَّلغة الدَّارجة عند سُكَّان يِرْكا الُّلغة الكنعانيَّة، قريبة العبريَّة والعربيَّة، وعندما دخلوا في اليهوديَّة أَصبحت لغتهم العبريَّة القديمة، وفيما بعد، وبعد أَن أَرجع الملك الفارسي كُورش اليهود إِلى البلاد من السَّبي البابلي، أَصبحوا يتكلَّمون الآرَامِيَّة إِلى جانب العبريَّة، ومع دخول الإِسلام أَصبحت الُّلغة العربيَّة لديهم الُّلغة الرَّسميَّة، وهي لا تزال كذلك حتَّى اليوم، مع أَنَّ كلماتٍ ومُصطلحاتٍ آرَامِيَّة كثيرة بقيت راسبةً بها ونحن لا نزال نستعملها في حياتنا اليوميَّة. ومن غير المُستبعد أَن يكون بعض سُكان القرية قد تعلموا اليُونانيَّة الكلاسيكيَّة وتكلَّمُوها خلال العصر الهِيليني، وفيما بعد أَيضًا خلال الفترة البيزنطيَّة، حينما أَصبحت النَّصرانيَّة الدِّيانة الرَّسميَّة للدَّولة، خلال تلك الفترة كانوا يتكلَّمون الآرَامِيَّة الجليليَّة، لُغة السَّيِّد المسيح عليه السَّلام، ويُصلُّون بها، إِلى جانب اليُونانيَّة، ألُّلغة الرَّسميَّة للدَّولة البيزنطيَّة، وتشهد على ذلك الكتابات بتلك الُّلغة التي عُثِرَ عليها صُدفةً خلال أَعمل التَّطوير والبناء في الفسيفساء بأَرضيَّات عدد من المباني والكنائس الأَثريَّة القديمة في القرية. ورُبَّما تعلَّم بعضُهُم الَّلاتينيَّة الكلاسيكيَّة خلال الفترة الرُّومانيَّة، وتكلَّموا بها، ورُبَّما تكلَّموا لاتينيَّة العصور الوُسطى خلال الفترة الصَّليبيَّة، تمامًا كما نتكلَّمُ نحنُ اليوم العبريَّة إِلى جانب العربيَّة.

قريةُ يِرْكا والمدينة الكنعانيَّة “حِلْكَات” أَو حَلْقَة”

مدينة “حِلْكَات” أَو “حَلْقَة” (חֶלְקַת)، كانت واحدة من “مُدُن الدَّولة” أو “دُوَل المُدُن” (City States) الكنعانيَّة بشمال البلاد خلال العصر البرُونزي المُتأَخِّر، أَوِ الفترة الكنعانيَّة المُتأَخِّرة، التي امتدَّت تقريبًا بين العامَيْنِ 1,550 و 1,200 قبل الميلاد، و”مدينة الدَّولة” أَوِ “دولة المدينة” في التَّاريخ، كانت مدينة مستقلَّة، أَو دولة مستقلَّة، قد تكون صغيرة، وقد تكون كبيرة، وفي كلِّ الأَحوال كانت، بسكَّانها وأَراضيها ومواردها، ذات سيادة واستقلال عمَّا يجاورُها من مُدُن الدَّولة، أَو دُوَل المُدُن.

الفرعون الكبير تُحُتْمُس الثَّالث (1425 – 1479 قبل الميلاد) احتلَّ مدينة “حِلْكَات” أَو “حَلْقَة” خلال حملته العسكريَّة على فلسطين وسوريا عام 1468 قبل الميلاد، وهي تظهر في قائمة المدن التي احتلَّها وأَخضعها خلال تلك الحملة تحت الإسم “حَرْكِت”، ورقمها هو 112 في قائمة تلك المُدُن المحفورة أَسماؤُها على جدار معبد الكَرْنَك بمِصْرَ.

طبقًا لما هو واردٌ في الفقرة الخامسة والعشرين من الإِصحاح التَّاسع عشر من سِفْر يَشُوْع بالعهد القديم بالكتاب المقدَّس، كانت مدينة “حِلْكَات” واحدةً من المُدن الكنعانيَّة العديدة التي فاز بها أَبناء سِبط “أَشِيْر” بعد دخول بني إِسرائيل البلاد بقيادة يَشُوع بن نُون في حدود عام 1,200 قبل الميلاد، وهي تترأَّسُ قائمة المدن التي كانت من نصيب ذلك السِّبْط، وبها كانت بداية حُدُود أَراضيه. لمدَّة طويلة من الزَّمان كان علماء الآثار يعتقدون أَنَّ هذه المدينة كانت تقع في الموقع الحالي لقرية يِرْكا، وفي فترةٍ لاحقة قال عالم الآثار اﻟﭘروفيسور يُوْحَنَان أَهَرُوْنِي في كتابه “الجغرافيا الإستيطانية لأَرض إِسرائيل في فترة التَّوراة” (بالعبريَّة) (ארץ ישראל בתקופת המקרא: גיאוגרפיה היסטורית, 1987)، أَنَّها كانت تقع في موقع “تلِّ القسِّيْس” (תֵּל קָשִׁישׁ)، الواقع على الضَّفَّة الشِّماليَّة لنهر المُقَطَّع (נַחַל קִישׁוֹן)، بالقُرب من بلدةِ “كِرْيات حًرُوْشِت”، وعلى بُعد كيلومترينِ تقريبًا إِلى الشِّمال من تلِّ يُكْنِعَام الأَثري، أَمَّا عالم الآثار ﭠْﺴْﭭﻲ ﭼَﺎل فيقول في كتابه “الجغرافيا البشريَّة للجليل الأَسفل خلال فترة التَّوراة” (بالعبريَّة) (הגליל התחתון: גאוגרפיה יישובית בתקופת המקרא, 1990)، أَنَّ هذه كانت المدينة تقع في موقع “تل العَامِر” أَو “تل المعَمِّر” (תֵּל אל עאמִר, תֵּל מְעַמֵּר)، الواقع على ضفَّة نهر المُقَطَّع بقُرْب “مفرق المُرُوْج” (צוֹמֶת הָעֲמָקִים)، ولكنَّ طبقًا للفكرة السَّائدة حاليًّا، والمرتكزة على الأَبحاث الأَثريَّة والتِّحليل المنطقي والدَّقيق لِسِفْر يَشُوْع، فإِنَّ غالبيَّة علماء الآثار وباحِثي التَّوراة، يقولون أَنَّ هذه المدينة الكنعانيَّة كانت تقع في “تَلِّ الهَرْبَج” (תֵּל רֶגֶב)، وهو تَلٌّ أَثريٌّ قديم يقع بالقرب من مدخل بلدة “كْفَار حَسِيْدِيْم”.

يقول باحث الكتاب المُقدَّس وفلسطينَ وجغرافيَّتُها وآثارها، الباحث الفرنسيُّ الكبير، فِلِكْس – مَارِي أَبِل (Félix Marie Abel)، في الصَّفحة 347 من الجزء الأَوَّل من كتابه “جغرافية فلسطين” (بالفرنسيَّة)، من عام 1938، حول بلدة “حِلْكات” الكنعانيَّة ما يلي:

(Géographie de la Palestine, 1938, Paris, Tom I, p. 66).

أَي:

(جغرافية فلسطين، 1938، ﭘﺎريس، الجُزء الأَوَّل، صفحة 66).

“ḪELKATH en Aser, Jos. XIX, 25; XXI, 31, répond à l’égypt. ḫrqt. Depuis van de Velde on l’a identifié à Yerqa, village situé sur une position assez forte à 14 km. à l’est – nord est d’Acre que le moyen âge nommait Arket, casal dépendant de St – Georges (Deir el Assad). Nous y reconnaissons Ἄρκη d’Antiq. V, 1, 22, et VIII, II, 3 que Josѐphe identifie faussement à Ecdipous. Alt place Ḫelkath à Tell el Harbaģ parce que cette localité vient dans la liste de Thoutmѐs III immédiatement avant Joqne’am et Geba’ et se recommande par ses restes archéologiques.”

ترجمة هذه الفقرة هي كما يلي:

“حِلْكَات” في منطقة سِبْط أَشِيْر، كما هو واردٌ في الفقرة الخامسة والعشرين من الإِصحاح التَّاسع عشر من سِفْر يَشُوع، وكذلك في الفقرة الحادية والثَّلاثين من الإِصحاح الحادي والعشرين من نفس السِّفْر، هي نفسُها “حَرْكِت” بالهِيرُوغليْفِيَّة (يقصد الإِسم الذي وردت به في قائمة المُدُن الكنعانيَّة التي احتلَّها الفرعون الكبير تُحُتْمُس الثَّالث عام 1468 قبل الميلاد، والتي كًتِبَت بالُّلغة الهِيرُوغليْفِيَّة، كما ذكرنا سابقًا). وكان ﭬﺎن دِي ﭬلْدِه قد قال أَنَّها كانت تقع في موقع قرية “يِرْكا”، وهي قرية تقع في موقعٍ مُحَصَّنٍ على بُعد 14 كيلومترًا إِلى الجهة الشِّماليَّة الشَّرقيَّة من عكَّا، وكانت قد دُعِيَت “أَرْكِت” (Arket) في العُصُور الوُسطى (يقصد في الفترة الصَّليبيَّة)، وفي حينه كانت تابعةً لقرية “سانت جُورج” (يقصد “قرية سانت جُورْج دِي لا بِيْن أَو سانت جُورْج دِي لا بِيِيْن”، عند الصَّليبيِّين “St. George de la Beyne”، واسمُها هذا يعني “قرية القدِّيس جُورْج من البِعْنَة”، وهي قرية دير الأَسد الحاليَّة). ونحن نجد في الفقرة الثَّانية والعشرين في البند الأَوَّل من الجزء الأَوَّل، وكذلك في الفقرة الثَّالثة من البند الثَّاني من الجزء الثَّامنٍ، بكتاب يوسف بن مَتِتْيَاهُو “آثار اليهود”، أَلإِسم (Ἄρκη)، وهو (أَي بن مَتِتْيَاهُو) يقول، خطأً، أَنَّها “إِكْدِﻳْﭘُوْس” (يقصد بلدة “أَلزِّيْب). “أَلْتْ” يقول أَنَّ “حِلْكَات” كانت تقع في موقع “تلّ الهَرْبَج”، وذلك لأَنَّ موقعَها موجودٌ مُباشرةً قبل يُوكْنِعَام (יָקְנְעָם) وﭼِﻳْﭭَﻊ (גֶבַע) في قائمة الفرعون تُحُتْمُس الثَّالث (يقصد قائمة المُدُن الكنعانيَّة التي احتلَّها الفرعون تُحُتْمُس الثَّالث عام 1468 قبل الميلاد”.

“ﭬﺎن دِي ﭬِلْدِه” الذي يذكره الباحث فِلِكْس – مَارِي أَبِل في هذه الفقرة هو “تْشَارْلْس وِلْيَام مِرِيدِيْث ﭬﺎن دِي ﭬِلْدِه” (Charles William Meredith van de Velde, 1818 – 1898)، وكان ضابطًا وباحثَا هولانديًّا كبيرًا زار البلاد في العامَيْنِ 1851 و 1852، وبحث تاريخها وآثارها، ورسم خريطة لمدينة القُدس، وأُخرى مفصَّلةً للبلاد كلِّها، وخريطتُهُ هذه كانت في حينه أَفضل خريطة للبلاد، ووضع عام 1854 كتابًا من جُزأَيْنِ (بالاﻧﭽليزيَّة) في وصف البلاد وسكَّانها ومدنها وقراها وآثارها، ودعا كتابه:

(Narrative of a Journey Through Syria and Palestine in 1851 and 1852(.

أَي:

(قِصَّةُ رحلةٍ عَبْرَ سٌوريا وفلسطين في العامَيْنِ 1851 و 1852).

“ﭬﺎن دِي ﭬِلْدِه” زار قرية “يِرْكا”، وهو يكتب إِلى جانب اسمِها في خريطتِهِ تلك الإِسم “حِلْكَات”، مُعتبرًا كليهما إِسميْنِ لنفس البلدة، وعلى نهجه سار فيما بعد العديدون من الباحثين، إِلى أَن اتُّفِقَ في مرحلة لاحقة، وكما ذكرنا فيما سبق، أَنَّ هذيْنِ الإِسميْنِ هُما إِسمانِ لبلدتيْنِ مُختلفتَيْن.

وفي هذا الأَمر نفسه يقول أَيضًا الباحث الدَّانمارْكِي “فْرَانْتْس بُوْل Frants Buhl, 1850 – 1932)) في الصَّفحة 230 من كتابه التَّالي (بالأَلمانيَّة) ما يلي:

(Geographie des Alten Palästina. 1896, Freiburg und Leipzig).

أَي: (جغرافية فلسطين القديمة. 1896، فرايْبُورْچ و لاﻳْﭙتْزِغ).

“Südöstlisch von diesem Dorfe liegt ein Drusendorf Jerka mit einigen alten Überresten, das man versuchsweise mit Ḥelkat Jos. 19. 25, 21, 31 zusammengesttellt hat.”

وترجمة ذلك هي كما يلي: “إِلى الجهة الجنوبيَّة الشَّرقية من تلك القرية (يقصد قرية عَمْقَا) تقع القرية الدَّرزيَّة “يِرْكا” وتوجد بها بعض البقايا القديمة (يقصد البقايا الأَثريَّة)، وهنالك مَنْ يقول أَنَّها “حِلْكات” المذكورة في الفقرة الخامسة والعشرين من الإِصحاح التَّاسع عشر، وكذلك في الفقرة الحادية والثَّلاثين من الإِصحاح الحادي والعشرين من سِفْر يُوْشَع”.

“أَلْت” المذكور اسمُهُ في هذه الفقرة هو باحث الكتاب المُقدَّس وفلسطين، الأَلماني الكبير، “أَلْبْرِخْت أَلْتْ”، (Albrecht Alt, 1883 – 1956)، وكان قد وضع عام 1896 كتابًا هامًّا حول جغرافية وتاريخ فلسطين (بالأَلمانية) دعاه:

(Geographie des Alten Palästina mit Plan von Jerusalem und Karte von Palästina. 1896, Freiburg und Leipzig).

أَي: (جغرافية فلسطين القديمة مع مُخَطَّطٍ لأُورشليمَ وخريطةٍ لِفلسطين. 1896، فرايْبُورْچ و لاﻳْﭙتْزِغ).

وهو يقول في كتابه هذا أَنَّ مدينة “حِلْكات” الكنعانيَّة كانت تقع في موقع “تلِّ الهَرْبَج”.

مدينة “أَرْكِي” عند القائد العسكري والمُؤرِّخ اليهودي الكبير يوسف بن مَتِتْيَاهُو، إِبن القرن الميلاديِّ الأَوَّل

نحن نعتقد أَنَّ أَوَّل ذكرٍ لقرية يِرْكا باسمٍ قريبٍ جدًّا من اسمها الحالي، ورد عند القائد العسكري والمُؤرِّخ اليهوديِّ الكبير، ابن القرن الأَوَّل الميلادي، يوسف بن مَتِتْيَاهُو (יוֹסֵף בֵּן מַתִּתְיָהוּ)، أَو باسمه الَّلاتيني الشَّهير لدى المُؤرِّخين، “تِيْتُوْس فْلاﭬيُوْس يُوسِيْفُوْس” (Titus Flavius Iosephus)، وهو الإِسم الذي تبنَّاهُ بعد أَن ضُمَّ بِرُوما إِلى عائلة القيصر الرُّوماني تِيْطُوس، أَو “تِيْتُوْس”، هادمِ هيكل الرَّبِّ بأُورشليم عام 70 للميلاد، وبعد أَن مُنِحَ لقب Flavius، لقب عائلة القيصر، في كتابه الشَّهير والهامِّ “آثار اليهود” (קַדְמוֹנִיּוּת הַיִּהוּדִים)، وكان بن متتياهُو قد وضع كتابه هذا باليُونانيَّة في مدينة رُوما في حُدُود عام 94 للميلاد.

يوسف بن متتياهُو يذكر في الفقرة الخامسة والثَّمانين من الكتاب الخامس، أَو الجزء الخامس، من كتابه الهامِّ “آثارُ اليهود” (Ιουδαϊκή Αρχαιολογία) (إِيُودَايْكِي أَرْخيُولُوﭼْﻳﺎ) (باليُونانيَّة)، مدينةً باسمِ “أَرْكِي”، وهو يقول أَنَّها كانت تقع في منطقة أَراضي سِبْط “أَشِيْر”، ونحن نعتقد أَنَّها قرية “يِرْكا” نفسُها، بالرَّغم من أَنَّه يقول أَيضًا أَنَّ تلك المدينة هي بلدة “إِكْدَاﻳْﭘُوْس”، وهي “الزِّيب”، ونحن نعتقد أَنَّ خطاً وقع في هذا القول.

فيما يلي ترجمة للعربيَّة لتلك الفقرة كما وردت في النَّصَّيْنِ، اليُوناني الأَصلي، والَّلاتيني (Antiquitates Judaicae)، المُتَرْجَمِ عن النَّصِّ الأَصلي:

أَلنَّصُّ اليُوناني الأَصلي:

“τὴν δὲ ἀπὸ τοῦ Καρμήλου κοιλάδα προσαγορευομένην διὰ τὸ καὶ τοιαύτην εἶναι Ἀσηρῖται φέρονται πᾶσαν τὴν ἐπὶ Σιδῶνος τετραμμένην: Ἄρκη δὲ πόλις ὑπῆρχεν αὐτοῖς ἐν τῇ μερίδι ἡ καὶ Ἐκδείπους.”

أَلنَّصُّ الَّلاتيني:

“Et con uallem quae ad Carmelom nuncupatur eo quod etiam huiusmodi sit. Aseritae uero omnem terram quae ad Sidonem conuersa est habuerunt. Ciuitas autem Arce in eorum parte fuit quae etiam Actipos nuncupatur”.

أَلتَّرجمة للعربيَّة:

“أَبناءُ سِبْط أَشِيْر حازُوا على ذلك القسم الذي كان يُدْعَى “السَّهل”، لأَنَّه كان كذلك، وأَيضًا كلَّ ذلك القسم الذي كان مُمتدًّا مُقابل صيدا. مدينة أَرْكِي، التي كانت تُدْعَى أَيضًا إِكْدَاﻳْﭘُوْس (أَﮐْﺗَﻳْﭘُوْس)، كانت تابعة لهم”.

نحن نعتقد أَنَّ خطًأ كبيرًا وقع، في بداية الأَمر، فيما يتعلَّق بالإِسميْنِ “أَرْكِي” و “إِكْدَاﻳْﭘُوْس”؛ في النَّصِّ الأَصلي اليُوناني لكتاب يوسف بن مَتِتْيَاهُو، “آثارُ اليهود”، وفيما بعد في كلِّ التَّرجمات لهذا الكتاب، فلا يُوجد أَيُّ تشابه بين هاتيْنِ الَّلفظتيْنِ، ونحن نعتقد أَنَّ مدينة أَرْكِي التي يذكرها يوسف بن مَتِتْيَاهُو في كتابه هذا ليست إِلَّا قرية “يِرْكأ”، ولا شكَّ في أَنَّ هذه القرية كانت قائمة ومأهولة بالسَّكَّان خلال القرن الميلادي الأَوَّل، القرن الذي عاش خلاله يوسف بن مَتِتْيَاهُو، والذي خلاله أَيضًا دوَّن كتابه هذا، وسائر كتبه. ولا شكَّ لدينا، استنادًا إِلى كُسُور الأَواني الخزفيَّة التي جمعناها من القرية، كما أَسلفنا سابقًا، أَنها كانت مسكونة في القرون التي سبقت عصر بن مَتِتْيَاهُو، ونظرًا لأَنَّ يوسف بن مَتِتْيَاهُو كان قائدًا لليهود المتمرِّدين ضدَّ الرُّومان في الجليل خلال التَّمرُّد، أَو العِصيان، اليهودي الكبير قُبَيْلَ دمار الهيكل الثَّاني، فلا شكَّ أَنَّه كان يعرف البلدتيْنِ، “يِرْكأ” و أَلزِّيْب” عن قُرب، ومن غير الجائز أَن يكون هو نفسه الذي وقع في خطأ البلبلة بين هاتيْنِ البلدتيْنِ والقول أَنَّهما بلدةٌ واحدةٌ لها إِسمانِ مُختلفانِ، ولذا فنحن نعتقد أَنَّ هذا الخطأ وقع به فيما بعد، ناسِخُو كتابه “آثار اليهود”، ومُترجِمُوه أَيضًا.

نفس الغلطة موجودةٌ أَيضًا في التًّرجمة العبريَّة لكتاب بن مَتِتْيَاهُو؛ فاﻟﭘروفيسور أَﭬرَاهَام شَلِيْط يقول في ترجمته العبريَّة لذلك الكتاب (קַדְמוֹנִיּוּת הַיִּהוּדִים, חֵלֶק א)، أَنَّ الإِسم “أَرْكِي” هو اسمٌ مُرادفٌ للإسم “أّخْزِيْڤ”، وهو، كما ذكرنا، الاِسم العبري لبلدة “الزِّيْب”، مع أَنَّه، وكما يبدو بوضوح، لا يوجد أَيُّ تشابه بين هاتَيْنِ الَّلفظتَيْنِ، والغريب في الأَمر أَنَّه يُتَرْجِم الاِسم “أَرْكِي” (Ἄρκη) إِلى العبريَّة بالاِسم (עירקא) “عِيْرْكا”، علمًا بأَنَّ الحرفَيْنِ، العبري “ע”، والعربي “ع”، غير موجودَيْنِ باليُونانيَّة، وهذا الاِسم قريبٌ جدًّا من الاِسم “يِرْكا”، ولا ندري لماذا لم ينتبه هذا الباحث الكبير إِلى هذا التَّشابُه والتَّطابُق، ورُبَّما كان من الواجب أَن يُترْجِمَ ذلك الاِسم مباشرةً إِلى “يِرْكا”. وفيما يلي النَّصُّ العبري لترجمة أَﭬرَاهَام شَلِيْط لتلك الفقرة، وهو وارد في الصَّفحتين 152 و 153 من الجزء الأَوَّل من كتابه المذكور:

“… בחלקם (כלומר בחלק בני שבט אשר، كاتب المقالة) נפלה העיר עירקא, היא כזיב”.

قرية يِرْكا لدى الصَّليبيِّين

أَطلق الصَّليبيُّون على قرية “يِرْكا” في وثائقَ لهم من التَّاريخيْنِ 30 أَو 31 أَيَّار عام 1220 للميلاد، و 20 نيسان عام 1229 للميلاد، خلال الفترة التي حكموا بها البلاد (1099 – 1291 للميلاد)، أَلأَسماء التَّالية: Archet و Arket و Arclyet و Erchat، وهذه الأَسماء كلُّها هي تحريفاتٌ لاسم القرية الأَصلي، وقد حَرَّفَ الصليبيُّون غالبيَّة أَسماء القرى العربيَّة التي كانت قائمةً في البلاد خلال فترة حكمهم.

أَلإٍسم “يِرْكا”: مِن أَين أَتى؟

نحن نعتقد أَنَّ أَصل الإِسم “يِرْكا” هو الإِسم “أَرْكِي”، (אֲרְכִּי)، وهو اسمٌ لقرية قديمة لا تزال قائمة حتَّى اليوم قُرب مدينة رام الله بالضَّفَّة الغربيَّة، وتقع في موقعها حاليًّا قرية “عَيْن عَرْيْك”. في قرية “أَرْكِي”، وُلِدَ ونشأَ “حُوْشَاي الأَرْكِي” (חוּשַׁי הָאֲרְכִּי)، صديقُ الملك داوُود (تقريبًا 1040 – 970 قبل الميلاد)، ومُستشاره ومُساعدُهُ وأَمينُ سرِّه، وهذا الرَّجل، حُوْشَاي الأَرْكِي، هو الذي أَفسد نصيحة “أَحِيْتُوْفِل الجِيْلُونِي” (אֲחִיתֹפֶל הַגִּלֹנִי) لدى “أَﭬشَالُوْم” ابن الملك داوُود (אַבְשָׁלוֹם בֶּן דָּוִד)، يوم عَصِيَ أَﭬشَالُوْم أَباه وتمرَّد عليه واختلف معه على الحُكم والمُلْك، وكان أَحِيْتُوْفِل الجِيْلُونِي قد نصح أَﭬشَالُوْم، خلال ذلك العصيان والنِّزاع، أَن يَنْقَضَّ على جيش والده الملك بسرعة وأَن يقضي عليه ويتخلَّص منه وأَن يستولي على الحُكم، وأَحِيْتُوْفِل قدَّم هذه النَّصيحة التي كانت جيِّدة لأَﭬشَالُوْم، ولكنَّها كانت رديئة جدًّا للملك داوُود، لأَنَّه كان غاضبًا وناقمًا على الملك داوُود وعلى ابنه أَمْنُوْن (אַמְנוֹן בֶּן דָּוִד) بسبب اغتصاب أَمْنُون “تَمَار”، أُخته لأَبيه (תָּמָר בַּת דָּוִד) ، وسُكُوت الملك داوُود على هذه الفِعلة. هذه الفتاة كانت شقيقة “أَﭬشَالُوْم”، وابنة شقيقة “أَحِيْتُوْفِل الجِيْلُونِي”، وكان “أَﭬشَالُوْم” قد قتل أَخاه أَمْنُوْن بُعَيْدَ فعلته هذه. عندما عَلِمَ حُوْشَاي الأَرْكِي بنصيحة أَحِيْتُوْفِل أَتى إِلى أَﭬشَالُوْم ونصحه، لمضرَّتِهِ ولمصلحةِ والده الملك داوُود بالطَّبع، أَن يتريَّث كي يجمع الشَّعب ويُخْبِره بعزل الملك داوُود وبتنصيبه، أَي تنصيب أَﭬشَالُوْم ملكًا محلَّه، وكان حُوْشَاي الأَرْكِي يأَمل أَن يجمع الملك داوُود جيشه وينظِّمه في المُهلة التي اتَّفق عليها مع أَﭬشَالُوْم كي يهزمه هو وجيشه، وهذا ما حصل فعلًا، وحينما وقع العِرَاك بين الجيشَيْنِ كان أَﭬشَالُوْم مع جيشه بجبال جِلْعَاد بالأُردنُّ، وكان راكبًا على بغلٍ، وهناك قُتِلَ، وعَلِق رأْسُهُ بشَعْرِهِ الطَّويل، بعد أَن قُطِعَ، على شجرة بُطْمٍ، وسقطت جُثَّتُهُ على الأَرض، وهرب البغل، وفي أَعقاب هذا الصِّراع بقي الملك داوُود في الحُكم. قصَّة هذا الخلاف والصِّراع والعراك الدَّموي بين الملك داوود وابنه أَﭬشَالُوْم واردة في الإِصحاحات الثَّالث عشر حتَّى الثَّامن عشر بسِفْرِ صموئيلَ الثَّاني (סֵפֶר שְׁמוּאֵל ב, פְּרָקִים י”ג – י”ט)، بالعهد القديم من الكتاب المُقدَّس. وتجدُر الإِشارةُ هُنا إِلى أَنَّ الملكَ داوودَ عندما عَلِمَ بمقتل ابنه أَﭬشَالُوْم حَزِنَ كثيرًا وبكاه بُكاءً مُرًّا ورثاه بِمراثٍ مُؤثِّرةٍ جدًّا واردةٌ كلُّها في الفقرات الأَوَّلى حتَّى التَّاسعة بالإِصحاح الثَّامن عشر بِسِفْر صموئِيلَ الثَّاني بالعهد القديم من الكتاب المُقدَّس (סֵפֶר שְׁמוּאֵל ב, פֶּרֶק יט, פסוקים א–ט).

بعد وفاة الملك داوُود واعتلاء إِبنه سُليمان الحكيم (تقريبًا 982 – 930 قبل الميلاد) العرش، عيَّن الملك سُليمان، وكما تقول الفقرة السَّادسة عشرة من الإِصحاح الرَّابع بِسِفْر الملوك الأَوَّل، “بَعَنَا ابن حُوْشَاي” (בַּעֲנָא בֶּן חוּשָׁי)، حاكمًا من قِبَلِهِ على الأَراضي التي كانت تابعة لأَبناء سِبْط أَشِيْر.

لا شكَّ في أَنَّ حُوْشَاي المذكور في هذه الفقرة هو حُوْشَاي الأَرْكِي، ويبدو أَنَّ بَعَنَا هذا غادر بلدتَهُ “أَرْكِي” بجبال يهُودا وانتقل، بصُحبة أَبيه حُوْشَاي إِلى قرية يِرْكا وسَكَنَ كلاهُما بها، وقرية يِرْكا كانت تقع في ذلك الزَّمان في أَراضي سِبْط أَشِيْر، ونحن نعتقد، بناءً على ذلك، أَنَّ الإِسم الأَصلي الذي أُطلِق على هذه القرية حينما سكنها بَعَنَا مع والده حُوْشَاي كان “أَرْكِي”، وهو اسم القرية التي وُلِدَا كلاهُما بها وأَتَيَا منها، وهي تحمل هذا الإِسم منذ ذلك التَّاريخ. بعد وفاة حُوْشَاي الأَرْكِي، ولا شكَّ في أَنَّه تُوُفِّيَ في أَرْكِي، أَي في يِرْكا، دُفِنَ في الطَّرف الشِّمالي الغربي للقرية، بعيدًا عن بيوت السَّكَّان. قبرُهُ لا يزال قائمًا حتَّى اليوم، وهو يتَّجه من الشِّمال إِلى الجنوب، وهذا يُثبت أَنَّه قبرٌ لرجلٍ يهودي، والقبر مع المبنى الموجود حوله يقعانِ حاليًّا بين بيوت القرية، وفي مرحلة متأَخِّرة، ولا شكَّ في أَنَّ ذلك حصل بعد دُخول الإِسلام إِلى البلاد في القرن الميلادي السَّابع، بدأَ سكَّان القرية يُطلقون خطأً على اسم صاحب القبر إِسم “يُوسُف الصِّدِّيق”، ابن يعقُوب وراحيل، علمًا بأَنَّ قبر يُوسُف، كما تقول التَّوراة، وكما هو مُتوارثٌ لدى سكَّان البلاد، موجود في مدينة نابلُس. أَلمبنى الذي يقع القبر بداخله يعود، كما نعتقد، إِلى الفترة المملوكيَّة (1291 – 1517 للميلاد)، ورُبَّما إِلى فترة حُكم السُّلطان الكبير بَيْبَرْس البُنْدُقْدَارِي (أَلولادة: 1223 – 1277، فترة الحُكم: 1260 – 1277 للميلاد)، وكان بَيْبَرْس قد طلب من الدَّروز أَن يبنوا مساجدَ في قراهم، ورُبَّما أُقيم هذا المبنى بناءً على طلبه، فهو يحتوي على مِحرابٍ صغيرٍ في جداره الجنوبي، ونحن كُنَّا قد عثرنا خلال أَعمال الصِّيانة والتّرميم التي أُجْرِيَت به قبل عدد من السِّنين على كُسُورٍ لأَواني خزفيَّة تعود إِلى الفترة المملوكيَّة.

 إِسم القرية حُرِّفَ في مرحلة لاحقة في التَّاريخ، ونحن لا ندري متى كان ذلك، من “أَرْكِي” إِلى “يِرْكا”، وهو اسمها الحالي، أَمَّا ماذا كان اسمُها قبل أَن يسكنها هذانِ الرَّجُلانِ، حُوْشَاي الأَرْكِي وابنُهُ بَعَنَا، أَي خلال العصر البرُونزي، أَو العصر الكنعاني، فنحن لا ندري.

وفي هذا الأَمر يقول باحث الكتاب المُقدَّس فِلِكْس – مَارِي أَبِل (Félix – Marie Abel) في الصَّفحة السَّادسة والسِّتِّين من الجزء الأَوَّل من كتابه “جغرافية فلسطين” (بالفرنسيَّة)، ما يلي:

(Géographie de la Palestine, 1938, Tom I, p. 66).

“Mais il vit au milieu du monde cananéen où les villes sont bardées d’airain et de fer, ses limites ètant celles de la Phénicie proprement dite. “Tout ce qu’on appelait Κοιλάς, dit Josèphe, depuis le Carmel jusqu’ à Sidon, fut aux Asèrites. Ils avaient dans leur part la ville d’Arkè et Ecdippous”. Cette ville d’Arkè n’est autre que Yerka, à l’ouest – nord ouest d’Acre, nommée encore Arket au moyen âge. Ecdippous. ez-Zib, figure sous le nom d’Achzib dans la liste biblique”.

 وترجمة ذلك هي كما يلي:

“لكنه يعيش (يقصد سِبْط أَشِيْر) في وسط العَالَمِ الكنعاني حيث تكتظُّ المُدُن بالنُّحاسِ والحديد، وحُدُودُه هي حُدُود فِينِيقْيا نفسِها. يقول يُوسِيفُوس (يقصد يوسُف بن مَتِتْيَاهُو، في كتابه “آثار اليهود”)، “كلُّ ما كان يُسَمَّى Κοιλάς (“كُويْلاس” باليُونانيَّة، أَي “وادي” أَو “سهل”)؛ من (جبل) الكَرْمِل حتَّى (مدينة) صيدا، كان من نصيب أَبناء (سِبْط) أَشِيْر. من نصيبهم كانت مدينة أَرْكِي و (مدينة) إِكْدَاﻳْﭘُوْس. ومدينة أَرْكِي هذه ليست سوى يِرْكا، (أَلتي تقع) إلى الجهة الشَّرقيَّة – الشِّماليَّة الشَّرقيَّة من عَكَّا، وقد دُعِيَت أيضًا Arket في العصور الوسطى، أَمَّا Ecdippous أَو ez-Zib، فتظهر تحت اسم Achzib في قائمة الكتاب المقدس (يقصد في قائمة أَسماء المدن الكنعانيَّة المذكورة في العهد القديم من الكتاب المُقدَّس).

مقالات ذات صلة:

قصّة قصيرة: سقى الله أيامًا مضت!

التفَّ بعَباءته السّوداء الطّويلة، وقد تلوّنت ببعض بُقَعِ الزّيت، وبعضِ غبار الرَّماد الأبيض. فهو لا يستطيع غسلها؛ لأنَّه لا يملِك