
في التّاريخ الموافق 19 شباط من عام 2023، قامَ فضيلة الشّيخ أبو يوسف أمين الصّايغ أطال الله عمره بتكريم كلّ من الشّيخ أبي سعيد أنور الصّايغ، الشّيخ أبي طاهر منير بركة، الشّيخ أبي داوود منير قضماني والشّيخ أبي يوسف أمين العريضي، مُطلقًا أمره بتلبيسهم العمامة المكولسة وتنصيبهم مراجع روحيّين مُعتمَدين في لبنان.

وفي 26 من شهر شباط من عامَ 2023، قامَ فضيلة الشّيخ أبو صالح محمّد العنداري، بتتويجِ خمسةٍ من المرجعيّاتِ الدّينيّةِ اللُّبنانيّةِ بالعمامةِ المكولَسةِ الشّريفة، اعترافًا بفضلِهِم وصحّةِ ديانتِهِم وميزةِ سلوكِهِم، وهم: الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب من بلدة الجاهليّة، المعروف بنورانيّةِ العقل ودقّةِ الوعظِ والعلم. الشّيخ أبو زين الدّين حسن غنّام من بلدةِ دميت الشّوف، المشهور بالتّقوى والفضلِ والصّوتِ الرّخيم. المرحوم الشّيخ أبو مسعود هاني شهيّب من بلدة عالَيه، المشهور بالتّقوى وعفّةِ النّفس وسُلالةِ الدّين. الشّيخ أبو محمود سعيد فرج من بلدة عبَيْه، المشهور بدقّةِ الوَرَع وعميمِ الفضلِ والسّلكِ الدّقيق. والشّيخ أبو فايز أمين مكارم من بلدة راس المتن، المشهور بالاجتهادِ الدّينيّ في دراسةِ كتاب الله العزيز.

بوركت تلك المساعي الطّيّبة من الشّيخيْن الفاضلَيْن الجليلَيْن المذكورَيْن. فيما يلي نبذة عن عدد من هؤلاء المشايخ الأفاضل:
فضيلة الشيخ أبو علي سليمان أبو ذياب

ولد الشّيخ الجليل أبو علي سليمان أبو ذياب من أبوَين كريمَين في 28\12\1941 م ليلة عشرة من شهر ذي الحجة.
تلقّى علومه في مدرسة الدّاووديّة في عبيه، وكان له الحظّ السّعيد بحضور أجر المرحوم سيّدنا الشّيخ أبو حسين محمود فرج رحمه الله. تابع دراسته في كلّيّة البشارة في بيروت ونال منها شهادة الفلسفة، وكان أول رجل متديّن درزي يحصل على هذه الشّهادة العلميّة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين.
توجّه إلى الدّين سنة 1963 م وكان عمره آنذاك 21 سنة، وقد تفرّغ للعبادة في خلوة كفر حيم (خلوة قديمة محاذية لخلوة جرنايا)، وبعدها انطلق إلى خلوات البيّاضة الزّاهرة، وواظب على دراسة كتاب الله وحفظه، وقد تمّ له ذلك بعون الله في مدّة خمسة أشهر إلّا يوميْن. وقد حُظيَ بتكريم مشايخ البياضة له آنذاك. وبعدها عاد إلى أدراج بلاده الشّوفيّة محمّلًا من البيّاضة الزّاهرة كنوز المعرفة والعلم. وفي سنة 1967 م تأهّل الشّيخ أبو علي سليمان حفظه الله من السّتّ الفاضلة سيليا محمود أبو ذياب ابنة أخت الشّيخيْن الجليليْن المرحومَيْن الشّيخ أبو سعيد فايز أبو ذياب، والشّيخ أبو رضوان مهنا أبو ذياب. وقد عُيّن مديرًا لمدرسة الإرشاد- التّوحيديّة في بعقلين، وقد جعل من هذه المدرسة منارة في الدّين والعلم والأخلاق التّوحيديّة. وأثناء تواجده في بعقلين عاشر المشايخ الأفاضل الأعيان، واستنارت بالبلاد بسهراته الدّينيّة ووعظه.
– عزّر الأمر الدّينيّ في بلدته الجاهليّة، وعمّر الخلوات والمجالس في بلدته؛ وغدا بيته مجلسًا للعبادة في حياته، وأوصى أن يبقى ذلك بعدها، أطال الله بقاءه.
– غدا سماحة الشّيخ الجليل مرجِعًا دينيّا في البلاد، وعليه الاعتماد، وقد كان المرحوم الشّيخ أبو محمد جواد وليّ الدّين يقول:” إذا جدّ عليّ أمرٌ ما يمنعني عن القيام بالمسؤوليّة الدّينيّة من مرض أو موت، فإنّي مطمئنّ البال بوجود الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب فهو مؤتمن في المحافظة على العقيدة التّوحيديّة من بعدي”
– ألبسه المرحوم الشّيخ الجليل أبو حسيب أسعد الصّايغ العباءة المقلّمة البيضاء سنة 1965 م في معصريتي بحضور الشّيخيْن الجليلَيْن الشّيخ أبو حسن عارف حلاوي، والشّيخ وأبو نجم خليل حمادة رحمهما الله تعالى. وكذلك توّجه الشّيخ الجليل أبو صالح محمد العنداري حفظه الله العمامة المكولسة سنة 2023 في مجلسه في الجاهليّة.
– قام سماحة الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب بزيارة مقام نبيّنا شعيب عليه السّلام في حطّين، كما زار فضيلة الشّيخ أبو يوسف أمين طريف رحمه الله، وقد حضر مأتمه المهيب وأرثاه بقصيدة مفعمة بالوجدان.
– وكان له علاقة خاصّة ومميّزة مع مشايخ لبنان وسوريا، حيث عمرت السّهرات والمذاكرات الدّينيّة، بمواعظه المفيدة، وتاب على يده المئات من التّوابين.
– عُيّن سماحة الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب شيخ عقل طائفة الموحّدين الدّروز سنة 2000 م، وذلك من قِبل مشايخ لبنان بالإجماع حيث كان الاجتماع في خلوات البيّاضة من أجل ذلك، وقد تمّت المباركة له من قِبل الأفاضل المذكورين. وقد صدر مرسوم جمهوريّ في ذلك.
– كان لسماحة الشّيخ أبو علي سليمان الدّور الكبير في تشييد مقام الدّاعي عمّار في إبل السّقي، وكذلك كان له الفضل الكبير في إحياء ذكرى “أوّل محرم” في مجالس الذِّكر والخلوات الدّينيّة.
– لسماحة الشّيخ أبو علي سليمان أشعار روحانيّة كثيرة في حمد الله وتسبيحه وتمجيده، والثّناء على رسوله وأنبيائه الميامين، ومدْح أو رثاء الأولياء الصّالحين. وختامًا نقول إنّ سماحة الشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب دوحة وارفة بالخير والبركات. أطال الله بقاءه وحفظه وسدّد خطاه.
فضيلة الشّيخ أبو طاهر منير بركة

وُلد الشّيخ منير عارف بركة في قرية العبّاديّة التّابعة لقضاء المتن في 6/11/1953م. ترعرع الشّيخ في بيت متواضع عُرِف بالطّهارة والبساطة والتّقوى والكدّ بالحلال على لقمة العيش من نتاج الأرض والعمل فيها، ولم تلههِ الدّنيا يومًا عن طلبة دينه والنّهل من بحره، فترك السّعي وراء الدّنيا ليشغل قلبه فيما هو أبقى وأثمن، وليفرغ جهده في نهج الدّين الّذي كان نبراسه ومحرابه وهو في مقتبل العمر.
كان بيت والده الشّيخ عارف رحمه الله مختصًّا بالرّحمة ليختبر الله بها عباده حيث دارت رحى المنون وحطّت رحالها فيه ليخطفَ سهم الموت أخوَيْه وصهرَيْه وشقيقَيْه وعميد أسرتهم أباه الشّيخ أبا كمال الّذي كان السّند والمربّي والمرشد لهم في الحياة. ولا بدّ من الإشارة إلى تلك الحاضنة الصّابرة والأمّ الرّاضية المسلِّمة لما اختاره الله لها امتحانًا من أبلغ الامتحانات، فاختار الشّيخ منير منهج الصّبر مسلكًا… والرّضى والتّسليم لقضاء الله ومشيته غايةً ومطلبًا، وما كانت لتلك الظّروف الّتي ألمّت بهم إلاّ أن تزيد فيه ثباتًا ويقينًا باللّه وتمسّكًا بأمر الدّين والنّهج السّليم القويم، فلُقِّبَ الشّيخ منير بأبي طاهر؛ لتميّزه بسلامة النيّة ونقاء السّريرة وصدق الطّويّة. تزوّج من الشّيخة الفاضلة نهلة بنت الشّيخ الجليل المرحوم أبو حسين محمود المغربي – كفر سلوان.
شعّت من قلب الشيخ منير بركة الطّاهر تلك النّيّة الصّافية لتلفحَ وتلقحَ على إخوانه ألفة ومحبة وصفاء ليجتمعوا مستلهمين الخير من سادق نيّته ونقاء سريرته من معظم القرى في يوم ديني صرف لمدّة تنيف عن خمسين عامًا وهو ما يعرف باسم “السّبتية” وهو مستمر ّإلى يومنا هذا.
وفي العقد السّادس من عمره اختصّه الله بمرض خبيث عضال فكان الرّضى والتّسليم منهجه، والصّبر والتّوكل ملجأه ومقصده موقنًا بعدل الله وحكمته في عباده.
وبمساعٍ من سماحة الشّيخ نعيم حسن والشّيخ أبو حسين محمود المغربي تمّ تكريم الشّيخ منير بالعباءة البيضاء سنة 2014 في خلوة سيّدنا الشّيخ حسين ماضي، وكرّمه الشّيخ الفضيل أبو يوسف أمين الصّايغ بالعمامة المكولسة في شباط سنة 2023م.
فضيلة الشّيخ أبو داوود منير القضماني

ولد الشّيخ أبو داوود في بيروت 5\12\1954م وحصل على شهادة البكالوريوس قسم ثاني سنة 1972.
وفي سنة 1976 توجّه إلى مجلس بيت عبد الخالق في بيروت للتعبّد وحصل على ثقة مشايخه فيه، وانتقل بعدها إلى الشّوف حيث أقام في خلوات القطالب في رعاية الشّيخ أبو سلمان محمود الشّمعة، ومارس مهنة التّعليم في مدرسة العرفان التّوحيديّة لمدّة خمس سنوات تنقَّل خلالها بين خلوة القطالب والبياّضة، فكان يعمل في الشّتاء ويتوجّه إلى الخلوة في الصّيف حتّى حفظ كتاب الله العزيز بكامله.
وفي صيف 1982 استقرّ في خلوة القطالب وحاز على ثقة المشايخ الأعيان. فيما بعد كلّفه الشّيخ الجليل أبو محمد جواد وليّ الدّين بالإرشاد وإقامة السّهرات الدّينية، ارتبط الشّيخ أبو داوود بالشّيخ أبو محمد جواد ارتباط المستفيد بالمفيد، وأحبّه الشّيخ حيث كان يقول أمام زوّاره “خيي بو داوود هالتوفيق من أجيال سابقة “
توفيَّ الشّيخ أبو سلمان محمود الشّمعة شيخ خلوة القطالب في 8 آب 1999 وتلا الشّيخ أبو محمد جواد عند دفنه وصيّة شفهيّة من المرحوم حيث قال: ” في وصية شفهيّة من المرحوم للفقير، يتكلّف الشّيخ أبو سليمان حسيب الحلبي بالخلوة، وفي خيي بو داوود الله يوفّقه ويزيده على ما هو عليه “
وفي أربعين الشّيخ أبو سلمان توجّه الشّيخ أبو محمد جواد ولي الدّين إلى بعذران وكرَّم الشّيخ أبو داوود بتكميله في سهرة دينيّة واسعة حضرها مشايخ أعيان من لبنان وسوريا.
سنة 2014 وفي الاجتماع السّنويّ الّذي يقام في خلوة القطالب في الصّيف كرَّمه الشّيخ أبو سليمان حسيب الصّايغ بالعباءة البيضاء المقلمَّة بحضور جمعٍ غفيرٍ من المشايخ.
في 19 شباط 2023 أقام الشّيخ الجليل أبو يوسف أمين الصّايغ اجتماعًا دينيًّا وتوَّج الشّيخ أبو داوود منير القضماني بالعمامة المكولسة المباركة. وقال الشّيخ أبو يوسف أمين للشّيخ أبو داوود ” لو كنت بقدر كنت لبسك ايّاها بحجرة الشّيخ أبو محمد جواد وليّ الدّين “، وطلب منه التّوجه إلى حجرة الشّيخ في بعقلين اعترافًا منه للشّيخ أبو داوود بثقة الشّيخ أبو محمد جواد وليّ الدّين به.
فضيلة الشّيخ أبو فايز أمين مكارم

ولد الشّيخ أبو فايز أمين مكارم عام 1950م في بلدة رأس المتن من أبوَيْن متديّنيْن، في بيت له مكانته الدّينيّة. وتبارك الشّيخ أبو فايز أمين مكارم بنسب عريق أصيل؛ جدّه الشّيخ أبو سليمان صالح مكارم وجدّ والده الشّيخ الجليل الفاضل أبوعلي يوسف مكارم. وقد دُفن الشّيخان الفاضلان في خلوة أطلِق عليها فيما بعد” الشّيخ أمين الخلوة” تقديرًا لمكانة الشّيخ أبو فايز أمين حفيد الشّيخيْن الجليلَيْن، الملاصق منزله بتلك الخلوة المباركة المدفون فيها أجداده.
ظهرت على الشّيخ أبي فايز أمين صفات التّميّز منذ صغره، فكان ولدًا فطنًا ذكيًّا، يفوق أترابه ورفاق صفّه في المدرسة وخاصّة في حلّ مسائل الرّياضيّات الّتي يعجز رفاق صفّه عن حلّها، وقد شجّعه معلّموه على متابعة الدّراسة لتفوّقه ونبوغه.
توفّي والده وهو في سن العاشرة من عمره، ممّا اضطرّ به الأمرّ إلى ترك المدرسة، وجدّ في العمل وتحصيل لقمة العيش الحلال، لإعالة والدته الشّيخة الفاضلة فانوس العنداري، وشقيقته الصغرى بمساعدة والدته الفاضلة.
هذا كلّه لم يجعله يتوانى عن تحصيل العلوم الدّينيّة والاجتهاد في درس كتاب الله وحفظه فانطلق إلى خلوات البيّاضة وتعرّف على مشايخها الأفاضل ونهل منهم منهل الآداب الدّينيّة وأتمّ حفظ كتاب الله العزيز وهو في الثّانية عشرة من عمره، وقد توّجه المرحوم الشّيخ الجليل أبو علي مهنا حسان (شيخ البيّاضة في عصره) العمامة وقال له: “بتستاهل تلبس لفّة” رغم صغر سنّه.
تابع أعماله الدّنيويّة في الصّنوبر، وقد أنشأ كسّارة قرب منزله وأنعم الله عليه بالرّزق الوفير وأكرمه، وكان دأبه الدّائم تحصيل الحلال، وكان يتنازل عن بعض حقوقه تجنّبًا للخلاف مع النّاس وزهدًا منه في الدّنيا وحطامها. وكان مثالًا في الأمانة وحسن المعاملة.
كمّله الشّيخ أبو صالح محمد 16 كانون الثاني 2022 في النّهار نفسه الّذي توفّي فيه الشّيخ الجليل أبو سليمان غالب مكارم رحمه الله. ومن ثمّ ألبسه العباءة البيضاء 9 تشرين الأوّل 2022 الشّيخ ماجد سريّ الدّين والشّيخ عادل النّمر بمباركة من الشّيخ أبو صالح محمد العنداري نفّعنا الله ببركاته. وتوّجه الشّيخ أبو صالح محمد العنداري نهار الجمعة السّاعة 8 مساء العمامة المكولسة في 2 كانون الأول 2022 في خلوة الشّيخ أبو علي يوسف مكارم رحمه الله.
تزوّج ابنة خاله الشّيخ أبو يوسف فارس العنداري، ليصبح بذلك نسيبًا(عديلًا) للشّيخ الفاضل الجليل أبو محمد صالح العنداري. ورُزِقَ منها ولديْن فاضليْن أطال الله عمرهما “فايز” و”جواد”.
تولّى سياسة الخلوة منذ شبابه إلى جانب المرحوم الشّيخ أبو سليمان غالب مكارم الّذي دُفن في الخلوة جانب جدّه الشّيخ الجليل المرحوم أبو علي يوسف مكارم.
كان نهجه في سياسة المستجيبين وإدارة الخلوة قائمًا على الرّفق والشّفقة والحزم والمحافظة على شروط الدّين اتباعًا لنهج السّلف الصّالح، فغدا أبًا شفيقًا ووالدًا رفيقًا، ويظهر اهتمامه الكبير بالنشء الطّالع ويشجعهم على الخير والبِّر، ويحذّرهم من الاغترار بالمفاتن الدّنيويّة المبعدة عن الدّين وطاعة خالق البريّة.
أضحى الشّيخ أبو فايز أمين مكارم مرجعًا في البلاد لحلّ النّزاعات، وأخذ رأيه ومشورته، والاستنارة ببصيرته وحكمته، فرأيه متبوع وكلامه مسموع. وله مركزه الاجتماعيّ المحترم في قلوب العباد، ذلك نتيجة إخلاصه مع الله تعالى وسادق طويّته. حفظه الله.
فضيلة الشّيخ أبو زين الدّين حسن غنّام

وُلد الشّيخ أبو زين الدّين في دميت من أبويْن فاضليْن سنة 1947 م. وعندما أصبح عمره ثلاث عشرة سنة ونيف اتّجه نحو خلوات البيّاضة الزّاهرة، ومكث فيها ما يقارب شهريْن ونصف، وحُظِي بتكريم وتقدير مشايخ البيّاضة الأجلّاء المرحومين (الشّيخ أبو علي مهنا حسّان، والشّيخ أبو حسين إبراهيم أبو حمدان، والشّيخ أبو فندي جمال الدّين شجاع، والشّيخ أبو حسن علم الدّين ذياب)، وتأدّب بآدابهم، وأخذ من مسالكهم الشّريفة المناقب التّوحيديّة الرّاقية.
تزوّج من الشّيخة الفاضلة إلهام أبو ضرغم سنة 1971م. أفراد عائلته الكريمة – وكلّهم متديّنون: وفاء، هدية، زين الدّين (صهر سماحة الشّيخ الدّكتور سامي أبي المنى) حفظهم الله.
عمل الشّيخ أبو زين الدّين في مهنة النّجارة طمعًا في كسب الحلال، ومن ثمّ تفرّغ إلى مهنة الكتابة بالخطّ النّسخيّ، وكان خطّه مميّزًا، واهتمّ بكتابة كتاب الله الكريم بإتقان، وكان مجاهدًا في ذلك.
عاشر الصّالحين في بلاده وغيرها (سوريا، فلسطين)، وأخذ من آدابهم ومسالكهم قسطًا وافيًا، وحظي باحترامهم وتقديرهم. وكانت له زيارات متعدّدة إلى سوريا بصحبة المشايخ الأفاضل: الشّيخ أبو محمد صالح العنداري، والشّيخ أبو سلمان محمود الشّمعة، والشّيخ أبو عفيف محمد فرج، والشّيخ أبو محمد نجيب غنّام، والشّيخ أبو سليمان حسيب الحلبي رحمهم الله، والشّيخ أبو علي سليمان أبو ذياب حفظه الله. تعرّف فيها على المشايخ الأعيان في تلك البلاد منهم: الشّيخ أبو حسين محمد الحنّاوي، والشّيخ أبو طلال يحيى عزّ الدّين، الشّيخ أبو علي ظاهر، الشّيخ أبو كمال محسن… وكذلك زار بلاد فلسطين تعرّف فيها على مشايخ أفاضل أعيان منهم: سيّدنا الشّيخ أبو يوسف أمين طريف، وغيرهم من الأعيان الأفاضل. وكان له علاقة صداقة ومودّة قديمة مع الشّيخ أبي زين الدّين حسن الحلبي من هضبة الجولان، توطّدت أيّام كان الشّيخ أبو زين الدّين يتردّد إلى خلوات البياضة، فالتقيا هناك وتعارفا وتآلفا.
أسدل الشّيخ أبو زين كريمته بطلب من الشيخ الجليل أمين الصّايغ، وبعدها تكرّم من مشايخ بلاده بالعباءة البيضاء، في منزل المرحوم الشّيخ الجليل أبو محمد جواد وليّ الدّين. ومن ثمّ كرّمه شيخنا الجليل أبو صالح محمد العنداري بالعمامة المكولسة سنة 2023 م.
كانت له علاقة مميّزة مع سماحة الشّيخ الدّكتور سامي أبي المنى، حيث كان يقدّر فيه الشّيخ أبو زين الدّين مروءته، وغيرته المعروفيّة الأصيلة، وسادق ديانته. وقويت هذه العلاقة بعد المصاهرة بينهما حيث تزوّج الشّيخ “زين الدّين” ابنة سماحة الشّيخ “ريّا”، وكذلك بعد أن تولّى سماحة الدّكتور الشّيخ سامي منصب مشيخة العقل، كان الشّيخ أبو زين الدّين وبصحبة مشايخ أعيان في البلاد مرجعًا لسماحته يعتمد عليهم، ويقف على خاطرهم في حلّ الأزمات العالقة، واتّخاذ القرار الدّينيّ المناسب.
تميّز الشّيخ أبو زين الدّين حسن بالصّوت الرّوحانيّ الجميل، النّابع من صفاء قلب، وشوق سادق، ومحبة مخلصة لله تعالى ورسله وأنبيائه عليهم السّلام.
تسلّم الشّيخ أبو زين سياسة خلوة “جرنايا”، وأحيا فيها كما كان السّلف الصّالح من قبله أمرَ الدّين، ووسّع في عمرانها، حيث أضحت ليومنا هذا قبلة للمشايخ والإخوان في البلاد، يقصدونها، ويحيون فيها الذّكر الحكيم.
ومن صفات الشّيخ أبو زين الدّين المميّزة: التّواضع، والتأدّب مع مشايخ عصره ومحبّتهم، واقتفاء نهج السّلف الصّالح بالتّقوى، والورع، والزّهد… حفظه الله وأطال عمره.
فضيلة الشّيخ أبو يوسف أمين العريضي

وُلد الشّيخ أبو يوسف أمين العريضي في 3 أيار.196م من أبوَيْن فاضليْن. كان لديه رغبة كبيرة بحفظ كتاب الله العزيز منذ الصّغر.
– تفرّس به المرحوم الشّيخ أبو حسيب أسعد الّصايغ منذ صغره وكان عمره ستّ سنوات. وسأله يومًا: إذا وقع خلاف بيني وبين أبيك. مع من تكون؟ فأجاب: مع الحقّ.
– كان متفوٍّقًا بالدّراسة المدرسيّة، وحصل على فرصة للذّهاب إلى أميركا ودراسة الطّبّ، لكنّه اختار البقاء في بلده، والذّهاب إلى خلوة البياّضة للتعبّد، والتّفقّه بعلوم الدّين، ودراسة كتاب الله العزيز.
– أثناء حرب الجبل وبعد إجماع رأي المشايخ على الثّبات والمقاومة للحفاظ على الأرض والعرض قرّر البقاء في ضيعته، ولعب دورًا هامًّا بالتّنقل بين المواقع العسكريّة، وتشجيع الشّباب على الصمود وتأمين حاجاتهم.
– بعد استرجاع الشّحّار عام 1984م بدأ بسهرات المذاكرة مع أنّه كان قبلها قليل الكلام معتمدًا مسلك الصّمت تأسّياً بسيدنا لقمان الحكيم، لكنّه أعاد لإحياء السّهرات الدّينيّة بهدف تشجيع النّاس على العودة إلى البلد، ودوام الحمد والشّكر لله تعالى على استرجاع المقدّسات الدّينيّة.
– بعد فترة وسعت السّهرة كثيرًا حتّى ضاقت الأماكن فسعى لتوسيع المجلس الغربيّ في بيصور، وتمّ الأمر بسرعة كبيرة، وبادر أصحاب النّخوة والمروءة من الأخيار الصّالحين وخاصّة من متابعي سهرات المذاكرة لإنجاز الأمر. ودشّن المجلس المرحوم الشّيخ أبو حسن عارف حلاوي في ذكرى تحرير الشّحّار (14 شباط 2001) وكانت سهرة كبيرة جدًّا.
– كرّمه المرحوم الشّيخ أبو حسن عارف حلاوي بالكمال، ولم يقبل اعتذاره منه (حاول والده المرحوم الشّيخ أبو أمين الاعتذار من الشّيخ قائلًا “أنيس محكوم بشغله، وليس بمقدورنا الاستغناء عن أمين ليقود السيّارة. اِمهلنا لوقت قريب” فأجاب الشّيخ: أعطيكم مهلة إلى موعد الزّيارة القادمة إلى داركم لأنّي أريد منه أن يتكمّل على عين حياتي ” (وكانت عادة الشّيخ أمين العريضي أن يزور المرحوم الشّيخ أبو حسن عارف أسبوعيًّا، أو كلّ عشرة أيّام تقريبًا)
– بعد وفاة السّلف الصّالح من مشايخ بيصور لعب الشّيخ أمين العريضي دورًا اجتماعيًّا بارزًا، واشتهر بسلاسة طبعه ورفقه بالشّباب حتّى أصبح مقصدًا ومُصلحًا اجتماعيًّا.
– كرّمه المرحوم الشّيخ أبو سليمان حسيب الصّايغ بالعباءة البيضاء (14 آب 2010) أثناء سهرة عامّة في الشّاوي بحضور مشايخ حلب والسّويداء وأعيان البلاد. فقبل خاطره لكنّه لم يرتدِها بعدها، فطالبه الشّيخ بعد فترة وسأله عن السبب فأجاب: “لأنّ الرّفاق الّذين ترافقنا نحن وإيّاهم لم يلبسوا بعد”
– كرّمه الشّيخ أبو يوسف أمين الصّايغ بالعمامة المكولسة سنة 2023، بارك الله فيهما جميعًا.
فضيلة الشّيخ أبو سعيد أنور الصّايغ

وُلِد الشّيخ أنور الصّايغ في معصريتي سنة 1957 م من أبَوْين فاضلَيْن، ونشأ نشأة دينيّة في كنف المرحوم الشّيخ الجليل أبو حسيب أسعد الصّايغ، فتأثّر بخصاله الحميدة من تعزيز الأمر والنّهي الدّيني، والشّجاعة في إدلاء كلمة الحق، وبعد وفاة الشّيخ الجليل أبو حسيب أسعد الصّايغ، تتلمذ على يد المرحوم الشّيخ الجليل أبو حسن عارف حلاوي، وكان موضع سرّه، وأخذ عن هذا الشّيخ الجليل الطّاهر الكثير من المناقب الحميدة منها: إخلاص النّيّة لله تعالى في القول والعمل، والعفاف والطّهارة، وسادق التّقوى، وبعد وفاة الشّيخ الجليل أبو حسن عارف، تكرّم الشّيوخ الأفاضل: الشّيخ أمين الصّايغ، والمرحوم الشّيخ أبو سليمان حسيب الصّايغ، بعض مشايخ عالية الأفاضل بتلبيسه العباءة البيضاء ومباركته له فيها، بعد رفضه مرارًا وتكرارًا لبسها. وفي سنة 2023: كرّمه الشّيخ الجليل أبو يوسف أمين الصّايغ بالعمامة المكولسة بحضور مشايخ أفاضل من لبنان. ويُعتبر الشّيخ أنور الصّايغ اليوم مرجعًا دينيًّا في إعزاز أمر الدّين، والمحافظة على نهج السّلف الصّالح في التّقوى والإخلاص والسّدق.
(ملاحظة: اعتذر الشّيخ أنور الصّايغ بعد مراجعته عن تقديم أو التّصريح بأيّة معلومات تخصّه بهذه المقالة، وأخذنا المعلومات المذكورة عنه نقلًا عن الثّقات من الإخوان الأفاضل الّذين عاشروه أو عرفوا عنه. ونحن نجلّ ونقدّر خصوصّياته الكريمة).
في العدد القادم إن شاء الله سنعرض سيرة حياة المشايخ الأفاضل: الشّيخ أبو صالح محمّد العنداري، الشّيخ أبو زين الدّين حسن غنّام، والشّيخ المرحوم أبو هاني مسعود شهيِّب، والشّيخ أبو محمود سعيد فرج أطال الله عمرهم.