الموقع قيد التحديث!

شخصيّة من بلدي.. المرحوم الشّيخ أبو باسم رشدي حلبي

بقلم السّيّد توفيق حلبي
دالية الكرمل

وُلِد المرحوم الشّيخ أبو باسم رشدي رشاد حلبي في دالية الكرمل عام 1938، ونشأ في بيت والده المرحوم الشّيخ أبو رشدي رشاد حلبي، في بيت مفتوح أمام جميع السّكّان وأسرة عُرفت بكرمها وكرامتها وشجاعتها، وانفتاحها لخدمة أبناء المجتمع، ومعالجة قضايا النّاس باهتمام وحكمة.

لقد تربّى الشّيخ أبو باسم على هذه القيم النّبيلة الّتي ميّزت عائلته، وجعل منها نهجًا لحياته ومسيرته الشّخصيّة والعامّة حيث برز بشخصيّته المحبوبة ووجهه البشوش وبفكره العميق ورؤيته المستقبليّة، فكان من أوائل من أدركوا أهمّيّة العلم كرافعة للتّقدّم ومواكبة العصر والسّير مع الحضارة العصريّة في إسرائيل، فحرص على تعليم أبنائه ودعمهم في مسيرتهم نحو تحقيق الذّات والنّجاح.

ومنذ شبابه، عُرف بكرمه الحاتميّ الشّديد وبتبرُّعه السّخيّ من ماله الخاصّ وبنشاطه الاجتماعيّ الواسع، حيث أقام علاقات مبنيّة على الصّدق والثّقة مع أبناء بلدته ومدّ يد العون لكلّ من طرق بابه أو قصده في أيّ شأن كان، الأمر الّذي أهّله للانخراط في العمل العامّ، وقد تمّ انتخابه عضوًا في المجلس المحليّ عام 1965، وأُعيد انتخابه لعدّة دورات متتالية حتّى عام 1989. وفي سنوات السبعين، انتُخب رئيسًا للمجلس المحليّ في دالية الكرمل، وكان حينها أصغر رئيس مجلس في البلاد، بعمر 34 عامًا فقط.

خلال فترة خدمته، أولى الشّيخ أبو باسم رشدي اهتمامًا بالغًا لموضوع التّربية والتّعليم، وسعى جاهدًا لإنشاء المدرسة الابتدائيّة “ج” في حيّ الصّوانيّة في قريته دالية الكرمل، بعد أن تمكّن من تخصيص قطعة أرض لذلك الغرض من إدارة دائرة أراضي الدّولة، هذا إلى جانب مساهمته في تطوير سلسلة من مشاريع البنى التّحتيّة والخدمات العامّة في البلدة. وفي عام 1983، تمّ انتخابه قائمًا بأعمال رئيس المجلس المحليّ ليستمرّ في مشوار خدمته وعطائه كمَعين لا ينضب.

وبالإضافة إلى عمله على الصّعيد العامّ، تابع الشّيخ الرّاحل أبو باسم رشدي مسيرة والده في المجال الاقتصاديّ، ونجح في توسيع المشاريع العائليّة، حيث أسّس مع إخوته عام 1981 شركة “إخوان رشدي حلبي” للمقاولات، الّتي أصبحت من أبرز الشّركات في الوسط العربيّ وأنجحها، بفضل إدارته الحكيمة ورؤيته العمليّة وعمله الدّؤوب وميزاته الحميدة الفريدة.

المرحوم أبو باسم مع المرحوم الشيخ جبر معدي

لقد جمع الرّاحل أبو باسم رشدي بين النّزاهة السّياسيّة والنّجاح الاقتصاديّ، ممّا منحه مكانة اجتماعيّة رفيعة، واحترامًا واسعًا داخل مجتمعه والمجتمع الإسرائيليّ بشكل عامّ. وكان دائم السّعي لخدمة النّاس، مشاركًا في أفراحهم وأتراحهم، وعضوًا فعّالًا في لجان الصُّلح، حيث أسهم في حلّ العديد من النّزاعات، كما كوّن علاقات متينة مع مؤسّسات الدّولة وشخصيّات بارزة في الحقليْن الاقتصاديّ والسّياسيّ، واستثمرها في خدمة أهالي دالية الكرمل ومختلف أبناء المجتمع، دون مقابل، إيمانًا منه برسالة العطاء والإصلاح.

في التّاريخ الموافق 15.02.2025 رحل عنّا الشّيخ أبو باسم رشدي حلبي وبرحيله، فقدت دالية الكرمل والطّائفة الدّرزية والمجتمع الإسرائيليّ شيخًا ورجلًا من رجالات الإصلاح، وعَلَمًا من أعلام القيادة المحليّة الصّادقة بعد مسيرة عطاء وانجازات هامّة وعريضة وسنوات من الجهد المتواصل والعمل الدّؤوب والرّؤية الحكيمة تركت بصمات واضحة وإسهامات جليّة هي عنوان للفخر وشاهد على إرادة وعزيمة لا تلين. رحمه الله وطيّب ثراه.

مقالات ذات صلة: