
الشيخ محمد العنزي والطيور
يَقَعُ مَقامُ الشَّيْخِ مُحَمَّد الْعَنْزي في مَدينَةِ شَفاعَمْرو، بَيْنَ بُيوتِ الْقَرْيَةِ. عاشَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الْعَنْزيُّ في الْمَدينَةِ في أواخِرِ الْقَرْنِ الثّامِنَ عَشَرَ، وَبِدايَةِ الْقَرْنِ التّاسِعَ عَشَرَ. وَقَدْ عُرِفَ عَنْهُ, التَّقْوى وَالفَضيلَةُ وَالصَّلاحُ، وَكانَ النّاسُ يَحْتَرِمونَهُ وَيَجِلِّونَهُ. وَذاعَ صيتُهُ في كافَّةِ الْبُلْدانِ، وَجاءَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْبٍ أُناسٌ لَهُمْ حاجاتٌ، مِثْلُ مَرْضى أوْ أشْخاصٍ تَنْقُصُهُمْ بَعْضُ الأشْياءِ في الْحَياةِ، يَطْلُبونَ مِنْهُ الدُّعاءَ وَالصَّلاةَ وَالشَّفاعَةَ لَهُمْ. وَيَذْكُرُ الْمُعَمِّرونَ في شَفاعَمْرو، أنَّ الشّيَْخَ الْعَنْزِيَّ كانَ يِجْلِسُ أمامَ بَيْتِهِ، وَيَفْتَحُ يَدَيْهِ وَيَضَعُ فيها حَبّاتِ الْقَمْحِ، وَكانَتِ الْحَماماتُ تَطيُر في الْجَوِّ، وَتَقْتَرِبُ مِنْ يَدَيْهِ لِتَلْتَقِطَ حَبّاتِ الْقَمْحِ. وقَدْ رَأى السُّكّانُ بِذلِكَ كَرامَةً مِنَ الْكَراماتِ. وَلَمّا سَمِعَ الْواليُّ الْعُثْمانِيُّ بِما يَحْدُثُ، دَعا الشَّيْخَ الْعَنْزِيَّ إلَيْهِ لِيُبَرْهِنَ لَهُ، أنَّهُ، أيُ الْوالي، إذا وَضَعَ حَبّاتِ الْقَمْحِ في يَدَيْهِ، فَسَوْفَ تَقْتَرِبُ مِنْهُ الْحَماماتُ لِتَلْتَقِطَها، فَجَلَسَ مَعَ الشَّيْخِ، وَوَضَعَ كِلاهُما حَبّاتِ الْقَمْحِ في أَيْديهِما، وَبِقُدْرَةِ قادِرٍ، اقْتَرِبَتِ الْحَماماتُ مِنَ الشَّيْخِ فَقَطْ. ظَنَّ الْوالي أنَ الحَماماتِ تَعْرِفُ الشَّيْخَ مِنْ مَلابِسِهِ، فَتَبادَلَ وَإيّاهُ الْمَلابِسَ، وَمَعَ هَذا، اقْتَرَبَتِ الْحَماماتُ مِنَ الشَّيْخِ وَتَرَكَتِ الْوالي. وَعِنْدَها أُعْجِبَ الْواليُّ الْعُثْمانيُّ بِهَذا الْمَنْظَرِ، وَأعْلَنَ عَلى الْمَلأِ، أنَّ لِلشَّيْخِ الْعَنْزِيِّ كَراماتٍ. وَلَمّا ماتَ الشَّيْخُ قامَ الْوالي بِنَفْسِهِ بِبِناءِ حُجْرَةٍ فَوْقَ قَبْرِهِ.
____________
المصدر: الموسوعة التوحيدية للصغار – تحرير: المرحوم الشيخ سميح ناطور، 2004