الموقع قيد التحديث!

بقايا جدار من القرية الدّرزيّة أمّ الشُّقف

بقلم السّيّد إيهاب أسعد – دالية الكرمل
طالب دكتوراه في جامعة حيفا في قسم الآثار

تخيّل لبرهة أنّك تسير بين قريتي دالية الكرمل وعين حوض قبل حوالي 200 عام. فجأة تقف أمام هذا الجدار (صورة 1)، الّذي كان جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة لسكّان القرية الدّرزيّة “أم الشُّقف” (أم المنحدرات). يروي الجدار الّذي اجتاز اختبار الزّمن قصّة قرى درزيّة أخرى كانت موجودة على جبل الكرمل غير دالية الكرمل وعسفيا، مثل شلّالة وبستان وذوّابة والمنصورة وغيرها.

وردت أولى الشّواهد على قرية “أم الشّقف” في وصية امرأة درزيّة من دالية الكرمل تُدعى زهرة نصر الدين، الّتي تبرّعت في عام 1815 بأموالها للبلدات الدّرزيّة في جميع أنحاء الكرمل والجليل. وفي منطقة الكرمل، تبرّعت لقرى: دالية الكرمل خمسة قروش، عسفيا ثلاثة قروش، أم الشّقف قرشيْن، بستان ثلاثة قروش (الواقعة بعيدًا قليلًا غرب قرية، أم الشّقف)، وقرية شلّالة الواقعة جنوب نصب ضحايا الكرمل أربعة قروش ((As’ad, A. Khamisy, R. 2021, 717).

كشف لنا مستند أصليّ آخر من عام 1860 أنّ معظم القاطنين في أم الشّقف كانوا من عائلة مقلدة، الّتي انتقلت لاحقًا للإقامة في دالية الكرمل. اضطر صالح مقلدة، جد العائلة، إلى إرسال المستند إلى السّلطات العثمانيّة في محاولة للدّفاع عن أراضيه من اللّصوص الطامعين. انضمّ إليه شيوخ معتبَرون ورؤساء عائلات ومخاتير من جميع أنحاء الكرمل، من الدروز وغير الدروز على حدٍّ سواء، ووقّعوا على المستند تأييدًا قويًا له (As’ad, A. Khamisy, R. 2021, 718).

نشر نزيه خير، شاعر وباحث من بلدة دالية الكرمل كتابًا في عام 1990. استنادًا إلى التّقاليد الشفهيّة ومقابلات شخصيّة مع مسنّي القرية، ذكر فيه أنّ سكان أمّ الشقف كانوا ينتمون لعائلتيْن “عائلة مقلدة” و”عائلة حديد” (خير، 1990).

هناك سببان محتملان لإخلاء القرية، الأوّل كما ذُكر في مستند صالح مقلدة، بسبب اللّصوص والعوامل الأخرى الّتي هدّدت القرية، والثاّني جاء من قِبل بعثة عن صندوق استكشاف فلسطين البريطانيّ PEF وهي جمعية مقرها لندن تأسست في العام 1865 م، الّذي زار الموقَّع في 11 مارس 1873، حيث ادّعى أنّ القرية مثل غيرها في الكرمل دمّرها الحاكم المصريّ إبراهيم باشا في ثلاثينات القرن التّاسع عشر. كان لهذا الحاكم علاقات عدائيّة مع الدّروز في جميع أنحاء حوض الشّرق الأوسط بما في ذلك منطقة الكرمل. (Conder and Kitchener, 1881, 353)

كما ويمكننا من كتاب فون مولينن الّذي درس الكرمل في عام 1903 ونشر كتابه في عام 1908، معرفة وقت إخلاء القرية، حيث ادّعى أنّها قرية درزيّة مهجورة تأسّست في القرن الثّامن عشر ودُمِّرت بعد عام 1840. عزّز ذلك، في كتابه عندما زار دالية الكرمل وقدّم البيانات الدّيموغرافيّة للقرية، كان عدد سكان دالية الكرمل وأم الشقف معًا، 744 (مولينن، 1908، 113). يُفهم من هذه المُدوَّنة أنّ انتقال سكّان أمّ الشّقف إلى دالية الكرمل كان حديثًا نسبيًّا، وإلا لما ذكره في سجلّاته. وخلاصة القول يمكن أن نفهم من هذه المعلومات أنّ قرية أمّ الشّقف هُجرت بين سنة 1815 وسنة 1863، وفي هذه السّنة ذُكرت لأوّل مرّة كقرية مهجورة.

أمّا بالنّسبة لبقايا القرية في الوقت الحاضر، فلا يمكن العثور على أيّ بقايا أخرى باستثناء الجزء الّذي تمّ اكتشافه من الجدار، ويبدو أن معظم الحجارة أُخذت لاستخدام ثانويّ في وقت ما.

فيما يلي ملخص لزيارات الرّحالة والمسافرين لقرية أمّ الشقف منذ القرن التاسع عشر:

زار الباحث الفرنسي فيكتور جرين الخرائب في عام 1863، وكتب: “في السّاعة السّابعة والخامسة والعشرين مشينا على أنقاض قرية كبيرة قديمة، واسم المكان خربة أم الشقف. بين المنازل المهدّمة جزئيًّا والمهجورة من دون ساكن تنتصب نخلة شاهقة عجوز. وهناك بعض بساتين التّين والزّيتون والرّمان الّتي لم يترك الجراد عليها ورقة واحدة لم تُقرض. في الوادي المجاور للقرية هذه تفور عين تُسمى عين أمّ الشقف” (جرين، 1984، 206).

وصفت بعثة عن صّندوق استكشاف فلسطين البريطانيّ PEF آثارًا لمباني حديثة وشجرة نخيل على المنحدر، على ما يبدو هي نفس شجرة النّخيل الّتي ذكرها جرين قبلهم، بالإضافة إلى ذلك، يصفون كهفّي دفن منحوتيْن في الصّخر موجوديْن الآن شماليّ هذا الجدار، ويفصّلان مقاييسهما. (Conder and Kitchener, 1881, 353)

عين ام الشقف – دالية الكرمل

وصف أوليفانت الّذي عاش في دالية الكرمل في النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر بين عامي 1885-1883، مواقع كثيرة على الكرمل. عند وصوله إلى قرية أمّ الشّقف، وصفها بأنّها قرية درزيّة مهجورة، بالإضافة إلى ذلك، وصف أيضًا مغارات الدّفن الّتي كانت قريبة من الخرائب وبقايا الزّجاج وحجارة الفسيفساء المرصوفة الّتي تشير على حدّ قوله إلى احتلال رومانيّ حدث في الموقع (Oliphant, 1884, 42).

زار مولينن قرية أمّ الشقف وكتب أنهّا قرية درزيّة مهجورة تأسّست في القرن الثامن عشر ودُمِّرت بعد عام 1840. خلال زيارته، كان مصحوبًا برجل مسنّ من دالية الكرمل عرض عليه بقايا منزل حماه الّذي كانت شجرة تين تظلّله، كما كتب أنّ بقايا ثانويّة في أهمّيّتها بقيت من القرية الدّرزيّة، وذكر بقايا أقدم، عددًا من المساحات الجميلة من الحجارة الكبيرة، وبعض الأعمدة، كما ذكر مغارات الدّفن الموجودة شماليّ الجدار (מולינן 1908, 271).

في سبعينيات القرن العشرين، زارت القرية المهجورة بعثة الباحث عولامي وكتبت أنّ مخطط الخرائب دائري الشّكل. في الجزء السُّفليّ من الموقع (المزروع بأشجار الزيتون) حددت البعثة بقايا الجدران، وقطع بناء، ومرافق منحوتة. تعود الفخّاريّات الّتي جمعتها البعثة إلى الفترات التّالية: الهلنستيّة، البيزنطيّة، الإسلاميّة المبكِّرة، والعثمانيّة (موقع المسح التّابع لهيئة الآثار. لا يوجد تاريخ. أم الشقف. الخريطة 27، الموقع 157).

المصادر:

  • أفيفي، س. (2009). شهادة تسلِّط الضّوء على المستوطنة الدّرزيّة في الكرمل. آفاق في الجغرافيا، 73-74، 167-176. https://www.jstor.org/stable/23715754
  • جيرن، و (1863). الوصف الجغرافيّ والتّاريخيّ والأثريّ لأرض إسرائيل فيكتور جيرن. بن عمرام، خ.) تحرير وترجمة، 1984) القدس: ياد اسحق بن تسفي، المجلد الخامس، السامرة (2(.
  • خير، ن. 1990. دالية الكرمل في ثلاثمئة عام. دار الهدى، كفر قرع.
  • مولينان، أ. ص. ص. (2013). الكرمل فون مولينن. (أ. جيفا كلينبرجر، ف. بن أرتسي، تحرير وترجمة). ماغنيس للنشر – الجامعة العبرية.
  • As’ad, A., & Khamisy, R. G. (2021). The Druze settlement on Mount Carmel : Daliyat al-Karmil as a case study – Archaeological, historical and geographical evidence. Middle Eastern Studies, 57(5), 712–729.          https://doi.org/10.1080/00263206.2021.1888081
  • Conder C. R., Kitchener H. H. K., Palmer, E. H., & Besant, W. (1881). The survey of Western Palestine: memoirs of the topography, orography, hydrography, and archaeology. Vol.1. The Committee of the Palestine Exploration Fund.         https://archive.org/details/surveyofwesternp01conduoft/mode/2up
  • Oliphant, L. (1884). Life in a Druse village. Blackwoods’s Edinburgh Magazine, 136, 705–715. https://archive.org/details/blackwoodsmagazi136edinuoft/page/704/mode/2up
  • אתרי אינטרנט: אתר הסקר של רשות העתיקות. אין תאריך. אם אם א־שוקף. מפה 27, אתר 157.
  • http://survey.antiquities.org.il/#/MapSurvey/10/site/1878

مقالات ذات صلة:

شعر:  السّيد الأمير قدّس الله سرّه

جمالُ الدّين سيّدُنا الأميرُ وعبدُ اللهِ والعَلَمُ الشّهيرُأجلُّ نجائبِ البيتِ التّنوخي ورافِعُ رايةَ الحقِّ الجديرُوريثُ الفضلِ عن أهلِ المعالي وصدرُ