الموقع قيد التحديث!

المرحوم الشّيخ سليمان أبو تميمة سراي الدّين – الشّيخ

بقلم الشّيخ أبو رضا حسين حلبي
دالية الكرمل

وُلد الشّيخ أبو صالح سليمان سراي الدّين (الشّيخ) سنة 1858 في قرية عسفيا، لوالده سلمان سراي الدّين أبو تميمة، وأمّه نجمة من آل فرحات، في بيت مستور الحال، وكان أبوه يملك جملًا ينقل عليه بالأجرة منتوجات وحوائج أهل القرية. قدِمت العائلة من لبنان (الشوف) منهم جدّ الشّيخ عبد الله وولده سلمان اللّذان وصلا قرية عسفيا سنة1850. ومن خلفه الشّيخ أبو كمال نجيب الشّيخ والشّيخ أبو صالح ريدان الشّيخ.

وقد نُسب للعائلة لقب الشّيخ تكريمًا له لقوّة ديانته الرّاجحة، وشخصه الكريم المميّز في ديانته، وحِرصه على تلاوة المعلوم الشّريف، وقول الحقّ، حتّى أصبح بيته مرجعًا لحلّ كلّ المشاكل العالقة في جميع القرى الدّرزيّة، ودوره القياديّ، وحفظه للقرآن الكريم حتّى أصبح سدًّا منيعًا بوجه كلّ مَن حاول التّعدّي على أبناء الطّائفة في حينه.

كانت له علاقة قويّة جدًّا مع مشايخ دالية الكرمل في حينه، منهم: الشّيخ أبو محمد صالح الحلبي، ونجله الشيخ توفيق والشيخ علي نصر الدين، كما كانت له علاقة قويّة مع مختار دالية الكرمل آنذاك الشّيخ عزّام حسين حلبي الّذي أهداه الشّيخ سليمان كتاب المعلوم الشّريف تقديرًا له على حلّ مشاكل وحماية أهل بلده دالية الكرمل من كلّ المعتدين. وهذا الكتاب موجود لديّ نتوارثه من المرحومين حتّى وصل إليّ. وما زالت هذه الحوزة الكريمة إلى يومنا هذا.         

وننقل هنا لمحات عن طفولة الشّيخ سليمان، ومصادر معلوماتنا من حفيده الشّيخ أبو كمال نجيب الشّيخ، وقد سمع عنه من معاصري الشّيخ، وخاصّة الشّيخ أبو صبح عبد الله شقيق الشّيخ سليمان، ومن ابنته الفاضلة أم حسين فاطمة، زوجة الشيخ أبو حسين علي رمّال من يركا، الّتي كانت تقضي وقتًا طويلًا في بيتنا كلّ عام في سنوات السّتين والسّبعين من القرن الماضي، وتحدِّث بما تجمّع لديها وما عاصرته من أحداث. 

وأوّل الحديث عن الشّيخ وهو صبيّ، أنّه كان يميل إلى العزلة ولا يشارك الصّبيان ألعابهم، وعندما ينادونه للّعب معهم يفضّل التزام المنزل، وهذا الشّكل من الطّفولة يميّز الكثير من النّجباء والشّخصيّات المميّزة، حيث تميل إلى الانعزال والاتّحاد بعالمها الدّاخليّ والتّأمّل، ودرس كأقرانه في المزار لدى خطيب القرية مبادئ القراءة والكتابة، وبعد أن تعلّم سليمان (فكّ الخطّ) بدأت بينه وبين الكتابة والقراءة علاقة لا تنتهي.

وكان أبوه الجمّال سلمان يتردّد على حيفا ينقل المنتوجات الزّراعيّة والحوائج المختلفة بين عسفيا وحيفا، فكان الصّبيّ سليمان يطلب منه أن يحضر له الأوراق والأقلام للتّمرّن على الكتابة، وأصبحت هذه هواية الفتى سليمان، ونشوء علاقة مع الكتب والكتابة لتستمرّ طوال عمره، وكانت هذه أولى الإشارات أنّه مفطور على نور العلم، لأنّ القراءة أداة البحث للاستزادة في الدّين والعلم والمعرفة.

وقد نشأ الفتى في بيئة قرويّة، واكتشف في صباه أنّه بالإضافة إلى الفقر الكبير الّذي يعيشه أهل عسفيا في تلك الفترة، كان هناك عدد قليل ممّن يعرفون القراءة والكتابة، وأقلّ منهم كانت الكتب. وكان الصّغار يتعلّمون القراءة والكتابة في الخلوة، وهي آنذاك مبنى صغير تقوم بجانب (المزار) وهو موضع كان يعتبره أهالي عسفيا مكانًا مقدّسًا يتباركون به. وكان من يعلّم الأولاد يسمّى (الخطيب) وهو الرّجل الّذي يقوم بوظائف دينيّة واجتماعيّة كثيرة في المجتمع. ومنها مأذون وكاتب للرّسائل.

زار الشّيخ سليمان سوريا ولبنان حيث التقى في حينه مع سيّدنا الشّيخ صالح الجرماني (نفّعنا الله ببركانه)، وكان برفقته الشّيخ أبو حسن منهال منصور الّذي تربّى وكبر في كنف الشّيخ سليمان.

سكن الشّيخ سليمان بيتُ بجانب خلوة البلد، الّتي كان يزورها يوميًّا وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والحرام حتّى أصبح مرجعًا دينيًّا يجمع أبناء الطّائفة.

وذكر بعض المشايخ الثّقات، الّذين يُركن إلى أقوالهم بصدق القول: إنّه قام بعض مشايخ من عائلة حلبي ببناء الخلوة بعد خلاف في الرّأي والمشورة، وكان ذلك في سنة 1908 وقد كان للشّيخ سليمان فضل كبير ومساندة ومساعدة هذه المشايخ في بناء الخلوة، وكان أوّل سائس فيها الشّيخ توفيق صالح حلبي المتوفّى سنة 1915 ودفن في الخلوة. والجدير بالذكر أيضًا أّن وفاة الشّيخ سليمان كانت أيضًا في سنة 1915 أيّ في نفس السّنة، ودُفن بجوار بيته، الكائن بجانب خلوة البلد.  

مزار المرحوم الشيخ في عسفيا

مقالات ذات صلة:

“الشّعر يعجزُ والأبياتُ ترتجف”

باسم الإله أتيتُ العطْفَ أستلفُ من سادةٍ في حِمى البيّاضةِ ائتلفواوَجئتُ أحملُ ضعفي، جئت مُرْتَجيًا وفي جرابي ذُنوبٌ كُنتُ أقتـرفُلعلّها