الموقع قيد التحديث!

المرحوم الشّيخ أبو حسين سعيد ماضي

بقلم الشّيخ المحامي أمل سعد ماضي
جولس

خادم مقام وخلوات سيّدنا الشّيخ حسين ماضي (ر) – العبّاديّة، لبنان

وُلد ونشأ في بلدة العباديّة (1901– 1992م) وكان شيخًا عابدًا، زاهدًا، صادقًا ومتقشّفًا، تبع مسلك التّقوى والورع.

سكن في مقام سيّدنا الشّيخ حسين ماضي(ر) في العباديّة سنة 1932، شيخ يعي التّوحيد ويتمسّك بأوامره ونواهيه، وكان يملك النّيّة الحسنة والزّهد والتّقشّف، وكان له مسلكه الخاصّ، لا يتدخّل مع الآخرين. كان المرحوم الشّيخ أبو حسن عارف حلاوة (ر) أكثر ما يحدّث عن المرحوم الشّيخ أبي حسين سعيد فيقول: “إنّه حَسَن النّيّة، طيّب القلب، صاحب طهر وإخلاص. ” هذا ما قاله للمرحوم الشّيخ جواد بركة، خصوصًا بعد أن علم بموقفه بعد اجتماع المقام الشّريف، حيث اجتمع المشايخ لتقرير مصير الطّائفة. فتقرّر أنّ كلّ شيخ يبلّغ ناحيته بما حصل، فسأل المرحوم الشّيخ أبو حسين سعيد ماضي عمّا حصل قال: “تريّضنا كثيرًا، قرأنا الكشف وبصرّنا إخواننا”.

هذه كانت غايته، وهذا قصده، وهذا ما كان يصبو إليه دائمًا، توحّده مع خالقه. كان ينفق كلّ ما يأتي للمقام على الإخوان على نيّة الخير، وقام بهذا الشّأن خير قيام وفي ضمن الأحداث، لم يترك الخلوة وحافظ على كيانها الدّينيّ.

وقال سيّدنا الشّيخ المرحوم أبو محمّد صالح العنداريّ (ر): “الأوّل في البلاد الّذي ينفق المال بحسب شرط الموصّي الشّيخ أبي حسين سعيد، لأنّه كان يعرف بتصرّفات المرحوم عن كثب، لأنّهما تعاونا على العبادة وسلكا معًا مسلك التّقشّف والورع وتوفّيا بفارق شهريْن بينهما”.

حدّث بعض الإخوان عن موقف بينهما، أتى يومًا المرحوم سيّدنا الشّيخ أبو محمّد صالح العنداريّ (ر) لزيارته، وكان الشّيخ أبو حسين في غيبوبة، فجلس المرحوم الشّيخ أبو محمّد صالح بقربه، وأخذ يتأمّله ويثني عليه ويذكر فضله وبعد قليل لم يتمكّن من أن يوقف شوقه نحو أخيه، ويستر ما يجول في صدره ويغلي في قلبه تجاه أخيه، الّذي عاش معه فترة طويلة بمسلك واحد، فصرخ من قلب شغوف وهَمّ نحوه وقبّل يده وقبّله، وقال: “يا خيّي ، والدّموع تذرف من عينيه، وأخذ يتلو عليه ويعدّد صفاته، وكم كان من شيخ ورع وأخ مخلص ولم يعُد قادرًا على ستر ما يجول في خلده، يا له ، من مشهد مروّع غرس في قلوبنا شجرة محبّة الإخوان والإخلاص والمودّة ، وعرّفنا كيف يتعامل الأولياء بصدق ومحبّة، هنيئًا لهما”. وقال سيّدنا الشّيخ أبو حسين محمود فرج (ر) في المركز الدّينيّ: “إنّ خلوة العباديّة تأتي بعد خلوات البيّاضة”. وقال للمرحوم الشّيخ أبي حسين سعيد: “إذا كنت تريد أن تسهر خارج الخلوة تمّم واجباتك الدّينيّة في الخلوة قبل ذهابك منها”.

وكان له خير قيام، خدم الخلوة بإخلاص، أشادها وزاد عليها بعد أن انهار فيها بعض البناء. رمّم البناء الّذي كان لتلاميذ سيّدنا الشّيخ، وضمّهم إلى المجلس حتّى أصبح مجلسًا كبيرًا يضمّ العديد من أهل الدّين، لأنّ الاجتماعات الدّينيّة لا تزال عامرة بفضله طبقًا لنيّة سيّدنا الشّيخ. وكان يصرف أحيانًا من ماله الخاصّ على الضّيوف، وأوصى للمقام قطعة أرض.

مقام سيّدنا الشّيخ حسين ماضي (ر) في العباديّة

وحدث يومًا نهار الجمعة كان في سهرة وقال للمشايخ الحاضرين: “تكرّموا علينا نهار الجمعة بالتّجميع”.

قالوا لبعضهم:” وكيف هذا الأمر ولم يكن دارجًا في البلاد؟” فأصرّ، فلبّوا طلبه عندما شعروا بإخلاصه، وأصبح سَمْتًا في البلاد إلى يومنا هذا. حافظ على تراث المقام، ولا يزال كما بناه سيّدنا الشّيخ حتّى يبقى الخشوع داخله. ارتبط بسيّدنا الشّيخ ارتباطًا وثيقًا ودينيًّا وخدمه خير خدمة، ومن يخدم وليًّا من أولياء الله، فالله يكرّمه، أعطاه مسلكًا يريح نفسه وأوصله إلى الجنّة العليا.

خدم المقام ستّين عامًا وتوفّي سنه 1992. كان له من العمر واحد وتسعون عامًا، وعند وفاته، وبينما كان يأخذ الأنفاس الأخيرة، حضر الشّيخ أبو حسين محمّد الحنّاويّ لزيارته، وكانت كرامة له، وكان مرسلًا من الإمام العظيم) ص (حتّى يحضر على طلوع الرّوح، وقرأ عليه الفاتحة، هذه كرامات الأولياء. وعلى الفور عندما وصل الخبر إلى المشايخ، حضروا جميعًا وأخذوا يثنون عليه بصفاته الحميدة الّتي كان يتزيّن بها. وفي اليوم الثّاني، يوم التّشييع، حضر الأسياد والمشايخ، الشّيخ أبو حسن عارف حلاوة والشّيخ أبو محمّد جواد وليّ الدّين والشّيخ أبو ريدان يوسف شهيّب والشّيخ أبو محمّد صالح العنداريّ والشّيخ أبو حسين محمّد الحنّاويّ وكثير من مشايخ لبنان وجبل العرب وحَضَرْ وعرنه بمن فيهم مشايخ العقل وأثنوا على الشيخ بما له من مسلك وإخلاص. وبعد التّشاور قرّروا بناء حجرة للمرحوم تكريمًا لهذا الشّيخ الزّاهد، ولإخلاصه ولخدمته هذا المقام الشّريف.

  دُفن جانب مقام سيّدنا الشّيخ حسين ماضي (ر)، وأقيم له مقام آخر. وممّن حضر يوم التّشييع سيّدنا الشّيخ أبو محمّد جواد وليّ الدّين(ر)، الّذي أخذ يثني عن صفات المرحوم فتكلّم وقال: “إنّ هذا الشّيخ الفضيل الزّاهد المتعبّد المتقشّف، الله يقدّرنا أن نسلك مسلكه، وكلّ منّا على علم بفضله، رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته”.

   ويشار هنا إلى أنّه أقيم في هذه البلاد موقف تأبينيّ، بدعوة من ألرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة في البلاد، الشيخ أبي يوسف أمين طريف(ر) وقد لبّى الدّعوة المئات من المشايخ والشّخصيّات من القرى الدّرزيّة، أتوا إلى بلدة جولس للمشاركة في التّأبين.

فضيلة المرحوم الشّيخ أبو حسن عارف حلاوة، فضيلة المرحوم الشّيخ أبو محمّد جواد وليّ الدّين، وفضيلة المرحوم الشّيخ أبو ريدان يوسف شهيب، في مأتم المرحوم الشّيخ أبي حسين سعيد ماضي.

مقالات ذات صلة: