ودّعت مدينة شفا عمرو في شهر تشرين الأول عام 2018 شيخ من شيوخها وتقي من أتقيائها ووجيه من وجهائها هو المرحوم الشيخ أبو فارس مجيد أبو رعد (1951-2018) والذي شارك حتى ساعاته الأخيرة في الحياة الاجتماعية والدينية في المدينة كعادته طوال أيام حياته.
ينتمي المرحوم إلى عائلة رعد المتفرّعة في إسرائيل وسوريا ولبنان والأردن وبعض دول المهجر وقد كتب عن العائلة الشيخ معذى سلمان سيف قائلا: “أسرة أبو رعد اسرة كريمة معطاءة لها مكانتها الاجتماعية والدينية، جذورها ممدودة في كل مكان، تشرّفت بها الطائفة المعروفية التوحيدية وبرجالها العظام، وهي اسرة كريمة كرّمها الله بالتقدير والاحترام والأصالة، لنا علاقات حميمة معها منذ أمد بعيد، علاقات ركيزتها الود والأخوية المبنية على أسس المحبة والوئام وعلى مبدأ الصراط المستقيم.
ولد المرحوم في مدينة شفا عمرو ونشأ في بيت كريم متديّن تقي ونهل من أسرته أصول الدين والتقوى والاستقامة وعمل الخير وشبّ يبني مستقبله بجدية وإخلاص فخدم في سلك الشرطة مدة طويلة وقام بواجباته خير قيام وأدى وظائفه على أحسن وجه وتميّز دائما بالتقيد بالشروط والانضباطات المرعية والحِرص على احترام المواطن وخدمته. وقد التحق بصفوف الدين بمرحلة متقدمة من حياته وشارك ورافق المشايخ الأفاضل في الصلوات والزيارات والمذاكرات وكان سعيدا بما اكتسب من فضائل اجتماعية ومناقب توحيدية من رفاقه المشايخ الأفاضل الذين التحق بهم وأخذ يبرز بينهم باجتهاداته وبأعماله المميزة فقد فتح بيته أمام إخوان الدين والضيوف من كل حدب وصوب واشتهر بمبادراته في الزيارات الرسمية في مقام النبي شعيب عليه السلام حيث كان يبسط طاولة غنية مليئة بالأطعمة البيتية الشهية ويدعو إليها الرائح والغادي من الزوار كما أنه اتّصف وارتبط منظره بإبريق القهوة النحاسي الأصفر وفناجين السادة حيث كان يواظب على أن يقدم فنجان القهوة لكل زائر في المقام. كما سعى في مدينته شفا عمرو إلى استلام وظيفة المسئول عن تأمين القهوة السادة في كل الأعراس تبرعا مما كان يضفي جوا من البهجة والكرم على العرس. وكان مؤازرا في كافة المناسبات ومتبرعا سخيا حينما كانت هناك حاجة لدعم أبناء الطائفة وغيرهم في البلاد وخارجها. وبالإضافة إلى كل ذلك كان صديقا وفيا وأخا مخلصا ومواطنا صالحا له علاقات وثيقة وصداقات حميمة مع أبناء جميع الطوائف وله اتصالات مكثفة مع أبناء أسرة رعد خارج الحدود ومع مشايخ وإخوان دين التقى بهم من سوريا ولبنان كما أنه بنى أسرة كريمة محترمة يُفتخر بها.

وألقى الشيخ أبو أحمد يوسف أبو عبيد إمام القرية كلمة تأبين أمام النعش في موقف أمام الجنازة جاء فيها: نودّع اليوم ركنا من أركان الدين، عميد عائلة رعد في شفا عمرو المأسوف على فقدانه، المرحوم الشيخ أبا فارس مجيد فارس رعد عن عمر يناهز السابعة والستين، قضاها بالكد والاجتهاد والعمل على تربية أسرته على حب الخير واحترام الناس والنجاح. كان إنسانا ديّانا كريما محبا للدين وأهله، متواضعا، أمينا، صادقا، قام بتأدية واجباته الدينية والاجتماعية على أحسن وجه.

وأبّن الفقيد الشيخ أبو إميل روني شقور من قرية كسرى ومما قال فيه:
“…كان لي الشرف العظيم والكبير في معرفته وصداقته وتآخيه، كان صاحب البيت المفتوح الكريم السخي المعطاء، كان الشيخ الديان، بشوش الوجه، حسن الملقى، والذي إن أردتُ وصفه عجز لساني وغابت الكلمات والعبارات من ذهني لأنه يستحق التمجيد والتعزيز والانحناء أمامه احراما وذخرا واعتزازا على ما قدّمه من خدمة للطائفة والمجتمع… وقد تعرّفت عليه منذ طفولتي حيث كان أعز وأقرب الأصدقاء لوالدي الذي اقترب منه وسكن قلبه لطيبته وحسن أخلاقه وملقاه وكرمه ومعاملته الراقية مع الآخرين”.

وكتب عنه الأستاذ معين أبو عبيد قائلا: ” … لقد غابت شمسك عن سماء بلدك ومحبيك، لكن صدى صوتك وسيرتك الحسنة سيبقى في القلب. دُفنتَ ودُفنت معك ابتسامتك العفوية وأسرارك مع خالقك التي ربما تمحي وتحفف من أحزان ذويك. رحمك الله ولذويك جميل الصبر وحسن العزاء. وجاء في كلمة الشيخ أبو أشرف سليم أبو رعد قوله: … نودع سويا رحيل الشيخ التقي صاحب الطاعة والعرفان المرحوم أبو فارس الذي أكرمنا بمحبة العطاء وبمكارم الأخلاق حيث عاش طيلة مسيرة حياته على محبة حكمة دين التوحيد قولا وفعلا وسدقا ووفاء وشارك جميع الناس أفراحهم وأحزانهم بكل أمانة وإخلاص وتواضع وبدون تكليف. كان زاده كله خيرا وبركة وثمرا مفيدا أجازه الله ثواب عمله في رحيله اطمئنانا ميسرا وحتى بعد حين… وتوجّه الشيخ أبو أشرف إلى الحضور قائلا: باسمي وباسم عائلة رعد الموجودين والمغتربين أقدّم الشكر الجزيل والامتنان لجميع المشيّعين مشاركتهم إيانا عزانا.
