الموقع قيد التحديث!

الشيخ أبو يوسف امين الصايغ أطال الله بعمره

(ولد عام 1959)

هو آخر شيخ تم تتويجه بالعمامة المكلوسة حتى الآن. وقد حصل ذلك في نهاية عام 2006، من قبل فضيلة الشيخ النبراس أبو محمد جواد وليّ الدين. والشيخ المتوج أبو يوسف أمين أبو غنام، شيخ شاب ما زال في أواسط العمر، في العام السابع والأربعين من حياته، وما زالت علامات الشباب ظاهرة على وجهه وجسمه، إلى جانب علامات الوقار والحكمة والتديّن والعفاف.

ولد في ليلة الجمعة المباركة، في السابع عشر من نيسان عام 1959، ابناً للسيّد توفيق والسيدة شفيقة الصايغ، في بلدة شارون، وكان الثالث من بين ستة إخوة وأخوات، وقد توفي أخوه الكبير وإحدى شقيقاته، وكذلك والداه. ولم يكن والداه في صغره على مسلك الدين، لكن العائلة كانت ذات احترام وتقدير ومكانة اجتماعية لائقة، وقد ظهرت بوادر الديانة والتقوى على وجه الفتى أمين، وكان يضمر ويخطط ويسعى للدخول في صفوف رجال الدين، فقد كان منذ نعومة أظفاره، محباً للأجاويد والشيوخ، وكان يسعى لمقابلتهم والسلام عليهم، كلما زاروا أقطاب بلدته شارون. وكان المشايخ يحبّونه ويدعونه للتدين، فقد اشتهر منذ صغره، بصدق معاملته مع أقرانه وبمحبته للجميع. وسرعان ما نضجت في قلبه فكرة التدين، فدخل مسلك التوحيد في الثالث من شهر آذار عام 1976، وذلك قبل أن يبلغ السابعة عشر من عمره، وقد تبعه والداه في الدخول في المسلك الشريف، فأخذ الثلاثة يواظبون على الدرس والحفظ وتنفيذ التعليمات. وبعد سنوات من قبوله المسلك الجديد، وبعد أن آمن واقتنع وحلل وحفظ وأحسّ بمتعة التوحيد، وبلذة الإيمان، وبعمق الرسائل والمبادئ المعروفية، توجّه إلى المحل الأزهر الشريف، في خلوات البياضة الزاهرة، لتلقي هناك العلوم التوحيدية من منابعها الرئيسية، ومن المشايخ الأفاضل، الذين أشرفوا في حينه على شؤون أبناء التوحيد، في الدول الثلاث. وفي البياضة اشتهر باجتهاده وإتقانه للإلقاء والصلاة والحفظ، كما أنه امتاز بإتّباع الفرائض الدينية وتطبيقها على نفسه، قبل أن يأمر بها لغيره، محققاً تنفيذ ما يُسمى بالأوامر والنواهي على حذافيرها، كما ينصّ بها مسلك التوحيد. وبعد أن عاد من البياضة الزاهرة، توجّه إلى خلوة معصريتي لإكمال علومه الدينية على يد أشهر الشيوخ في ذلك الوقت، وهما المرحومين الشيخ أبو حسيب اسعد الصايغ،  وسيدنا الشيخ أبو حسن عارف حلاوة. وقد رافق الشيخ أبو يوسف الشيخين الفاضلين ورشف من فيض علومهما وغرف من بحار معلوماتهما ومكنوناتهما فاعتبره الشيخان المرجع الشباب الأول والتماسا منه تميّزه بالصدق والمحبة والإخلاص.

وقد جاء في التفاصيل التي ذُكرت عن حياته في مجلة العمامة :” رفع الشيخ راية السلام الديني بين أبناء طائفته الموحدين، ولم يرض بأي خلاف يقع بينهم، الأمر الذي دعا الشيوخ يسألون خاطره ومشورته في معظم الأمور للإقتداء برأيه السديد.

وتتالت سنون التقوى والإيمان، وزاد بها الشيخ إشراقاً ونوراً، ليسطع وجهه التوحيدي بزاد ما ادخره ، وبفيض حبه وإخلاصه لله ورسله، وأصبح هو وابن خالته ورفيق دربه الشيخ أبو سعيد أنور الصايغ مرتلا الكتاب العزيز وقـُرّائِهِ بحضرة المرحوم الشيخ أبو حسيب أسعد، وسيدنا الشيخ أبو حسن عارف (ر) من بعده.

فكناهما الشيخ أبو حسيب بأبي طاهر أمين وأبي سعيد أنور، تيمناً بالأولياء الطهره الأخوه أبي طاهر وأبي سعيد رضوان الله عليهما.
ولكن بعد ذلك ناداه سيدنا الشيخ بـ ” أبا يوسف” ليصبح أبو يوسف أمين تشبهاً وتبركاً بفقيد الأمة وسيد شيوخها سيدنا الشيخ أبو يوسف امين طريف (جولس) (ر).
ولاحقاً طلب منهما سيدنا الشيخ أبو حسن عارف (اي من الشيخ امين والشيخ أنور) أن يتكملا ودعا المرحوم الشيخ بنفسه الى سهرة كمالهما والتي أقامها في بيته.
وقال للمقربين بأنهما الشيخين الوحيدين الذين لا يتكلم معهما
إلا بالدين ، فكل وقتهم معه إما بالتراتيل الدينية والصلاة، أو قراءة الأشعار الدينيه والابتهالات.

وفي أول سهرة دينية بعد تتويج المشايخ الأجلاء المرحوم الشيخ أبو محمد صالح العنداري، والمرحوم الشيخ أبو ريدان يوسف شهيب (ر) والشيخ أبو محمد جواد ولي الدين (حفظه الله) بالعمامات المكولسه عام 1988 أقامها الشيخ أبو حسن عارف في بيته، طلب الشيخ منهما ترتيل ما تيسر من أيات الله والذكر الحكيم، فأذهل الحضور من درجة التناسق والتناغم وعذوبة اللفظ وروحانية اللحن، وروى لنا المقربون أن المرحوم الشيخ أبو ريدان قال يومها أنه لم يسمع طوال حياته أجمل من ترتيل هذين الشيخين لكتاب الله، وأنهما يستحقان أن يكونا مرتلي ….الزمان.

في الخامس من آذار من العام تسعه وتسعون وتسعمائة والف (1999-03-05)  بنيت خلوة دينية بإسمه في شارون يقصدها المشايخ والمستجيبين للعبادة والذكر.
وقبل عدة سنوات، أصيب الشيخ بصداع شديد وألم حاد في رأسه، فوصف له الأطباء وصفة من مواد ثقيلة ومُرَكـّزَة ومؤلمة، وسألوه إن كان يقدر على تحمل ذلك، فرد الشيخ بالقبول، ولكن هذه الوصفة ضربت جسم الشيخ وأعضاءه وخاصة الجهاز العصبي، فأقعدته فحاول إخوة الشيخ والمقربون منه اشتكاء صاحب الوصفة، فرفض الشيخ رفضاً قاطعاً، معتبراً أن ذلك تقديرا من عزيز عليم، وأنْ لعل يكون في ذلك خلاص روحه، ثم بعد ذلك أخبر الشيخ بوصفة ترده الى عافيته، أو تحسن من حالة مرضه، لكن ستضعف من ذاكرته، فرفض الشيخ ذلك كل الرفض معللا ً بأن لا دين ولا خلا ص بدون العقل، وأن أجل النعم والعطايا الربانيه للإنسان هي العقل، وهو ما يميزه عن سائر المخلوقات والأحياء، ومن لا عقل له لا دين له.
وفي يوم السبت الرابع من تشرين الثاني في السنة السادسة بعد الالفين (2006-11-04) وبعد تتويج شيخنا، الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنام بصوفر، توجه وفد الشيوخ وعلى رأسهم شيخنا المفضال، الشيخ أبو محمد جواد، والشيخ أبو سعيد أمين، يصحبهم الشيخ أبو صالح محمد العنداري (العباديه)، والشيخ أبو سليمان حسيب الحلبي (بطمه)، والشيخ أبو صالح فرحان العريضي (بيصور)، والشيخ أبو حمزه أسعد شهيب (عاليه)، وغيرهم من الشيوخ الثقات الى شارون، لتتويج الشيخ أبو يوسف أمين بالعباءة المقلمة ومن ثم العمامه المكولسة، بالرغم من صغر سن الشيخ الذي لم يزل في السابعه والأربعين من عمره، وبالرغم من ان العاده جرت بتتويج الشيوخ المسنين، وبعدَما يكون قد خُلِعَت عليهم العباءه المقلمة، وما جاء تتويج الشيخ على صغر سنه وبالعباءه المقلمه والعمامه المدوره دفعة واحده، إلا دلالة ً على مركز الشيخ في قلوب مشايخنا، وكشفاً لدرجته الراقية في الأمر والنهي، وقول الحق وجمع الشمل، والمجاهدة ورفع راية الدين.
وهناك أثنى عليه شيخنا بما هو أهلا ً لـَهُ، وبما هو مستحقـُه، وقطع عليه بالقبول وإلا فسيغادر الشيخ مبعوداً، ووراءه رفاقه، فقبل الشيخ مكرهاً، بعد الكثير من التذلل والتواضع.
وعلى رغم سن الشيخ فقد قال شيخنا الشيخ أبو محمد جواد، إن هذا كان ينبغي أن يحدث منذ زمن، وإن هذا التتويج جاء متأخراً.

وبعد التتويج شكر الشيخ أبو سعيد أنور، شيخنا الشيخ أبو محمد جواد على هذا المسعى الطيب والمبارك، وقال له بأن هذا التتويج وُضع في محله تماماً، وأنها ” طلعت من يد شيخ جواد وراحت ليد شيخ أمين ” …. ويسكن الشيخ حالياً في بيته بـِبَرّية شارون  أعزبا متعففا عن النساء والولد.

مقالات ذات صلة: