الحاسّة السّادسة (The Sixth Sense) هي شعور وجدانيّ داخليّ في الإنسان ينبِّئه أحيانًا عمّا يمكن أن يتعرّض له قبل أن يحدث. وهذه هي قدرة غير عاديّة متأصّلة في الإنسان لكنّها لا تظهر دائمًا وليس عند كلّ النّاس. وهذه الظّاهرة شائعة بين البشر منذ القدم وقد أُعطِيت لها أسماء وصفات مختلفة، كما أنّ مئات العلماء في القرون الأخيرة يحاولون دائمًا تفسير أسس وقواعد وقوانين هذه الظّاهرة وما يشابهها، وما زالوا حتّى الآن لم يتوصّلوا إلى تفسير واضح متّفق عليه من قبل الجميع.
وكتب عن الحاسّة السّادسة العقيد ركن طيّار شارحًا:
“الحاسّة السّادسة: لفظ يُطلق على بعض الظّواهر الغريبة الّتي قد يعجز العلم عن تفسيرها، ولكن ما هو التّعريف العلميّ لها.
تُعرّف بأنّها إحساس فطريّ لا إراديّ بعيد عن المنطق يمكن صاحبه من معرفة المجهول والتنبُّؤ بالمستقبل، وأغلب النّاس يمتلكون مثل هذه الحاسّة وبدرجات متفاوتة، وبما أنّ الإنسان العاديّ ليس له وسيلة اتّصال بالمستقبل، فإنّه من المرجَّح أن يعتمد على الرّوح لاكتشاف المستقبل المجهول، فهي نفحة من الله ولها قدرات عظيمة لا تدركها العقول، وكان قديمًا يُعتقد بأنّ تلك الحاسّة خرافة وليس لها تفسير علميّ، ولكنّ الدّراسات العلميّة الحديثة أثبت أنّ الحاسّة السّادسة لدى كلّ إنسان، وتظهر بصورة واضحة عند الشّعور بالخطر، وتوجد فعليًّا في جزء من المخ يتعامل مع حلّ الصراعات.
وفى هذا الصّدد أوضح فريق من الباحثين بجامعة واشنطن أن منطقة المخّ المعروفة بالقشرة الدّاخليّة الطوقيّة تطلق بالفعل الإنذار بشأن الأخطار الّتي لا تستطيع الوصول للمخّ الواعي، وتقع قرب قمّة الفصوص الأماميّة وإلى جانب الفواصل الّتي تفصل بين قسميّ المخّ الأيسر والأيمن، وأنّ تلك القشرة الدّاخليّة الطوقيّة مرتبطة بشدّة مع مشاكل عقليّة خطيرة من بينها الشيزوفرينيا أو انفصام الشّخصيّة والاضّطراب العدوانيّ القهريّ، وأضاف الباحثون أنّه عند قياس نشاط أمخاخ مجموعة من الشّباب الأصحّاء بواسطة برنامج كمبيوتر على فترات كلّ 2.5 ثانية بجهاز أشعّة الرّنين، وُجد أنّ المخ يلتقط إشارات التّحذير بشكل أفضل ممّا كان يعتقد في الماضي.
وأشار العلماء إلى أنّ نفس هذا النّاقل العصبّي يرتبط بإدمان المخدّرات ومرض الشّلل الرّعاش، ويبدو أن الدّوبامين يلعب دورًا كبيرًا في تدريب القشرة الدّاخليّة الطّوقيّة في التّعرّف على التّوقيت المناسب الذي يتعيّن عليها فيه إرسال إشارة تحذير مبكِّر، وفى هذا الصّدد أفاد علماء الطّبّ النّفسيّ بأن الحاسّة السّادسة موجودة لدى الكلّ منا، خاملة عند البعض ونشطة عند البعض الآخر، وذلك يتوقّف على بعض العوامل مثل صفاء الذّهن وهدوء الأعصاب واعتدال المزاج، فكلّما كان الإنسان في حالة جيّدة تنشط الحاسّة السّادسة، والعكس، عندما يكون الإنسان في حالة رديئة تخبو ويقلّ نشاطها.”
وذكرت السّيّدة هبة الطّبّاع قولها: “هي إحساس لا إراديّ وفطريّ بعيد عن المنطق؛ بحيث يمكّن هذا الإحساس من يمتلّكه من معرفة المجهول والتنبّؤ بالمستقبل، وأغلب النّاس يمتلكون مثل هذه الحاسّة وبدرجاتٍ متفاوتة، وتُعتبر من المواهب الخارقة الّتي تتيح للأشخاص الّذين يمتلكونها قدرةً على قراءة الأفكار، والتّخاطر واستبصار أحداث لاحقة، وتُصنّف هذه القدرات كظاهرة من الظّواهر الخارقة لقوانين الطّبيعة.”
وعن بداية بحث هذا الموضوع يقول الدّكتور محمد السّقّا عيد:
“وقد كان العالم الألمانيّ “رودلف تستشنر” هو أوّل من تناول ظاهرة الإدراك الحسّيّ الخارق بدراسة جادّة أوائل العشرينات، وأطلق عليها مصطلح E.S.P المنسوب مجازًا إلى الحاّسة السّادسة، صنّفها إلى فروع: الاستبصار، والتنبُّؤ، ونفاذ البصيرة إلى الأشياء والأشخاص والأحداث، وقراءة الأفكار والمشاعر، وإدراك لمحات من الماضي والمستقبل. وتحت هذا العنوان قدّم الباحث “جي. بي. راين” أوّل دراسة جادّة تالية إلى جامعة “ديوك” عام 1934″.
وعن التّفسير العلميّ للحاسّة السّادسة جاء في منتديات أبناء الأردن الشّرح التّالي: “إنّ العلماء حتّى اليوم لم يصلوا إلى أي اتّفاق علميّ بخصوص هذه الحاسّة، فبينما قسم كبير من العلماء يؤكِّدون على أنّها موجودة لدى كلّ إنسان بنسب متفاوتة، وأنّها المصدر الأصلّي لخواطر التّفاؤل والتّشاؤم الّتي تنتاب معظم النّاس. إذ أنّ العقل يمتصّ باستمرار وبطريقة أوتوماتيكيّة الحقائق والمشاعر حتّى ولو من تجاربك وخبراتك العاديّة. من ناحية أخرى، وحتّى اليوم، لم يصل العلماء إلى تفسير علميّ واضح إزاء هذه الحاسّة ولاقوا صعوبة بالغة في تفسيرها ومعرفة مصدرها. والباحثون يؤكِّدون بأنّ الناس البدائيين والأطفال والبلهاء لديهم الحاسّة السّادسة أقوى من غيرهم من النّاس. وعن طريق الحاسّة السّادسة تتحقّق تخمينات واستبصارات النّاس بشكل أو بآخر”.
وورد في شبكة ومنتديات “قدماء” عن العوامل الّتي تؤثّر على الحاسّة السّادسة ما يلي: “أمّا عن العوامل الّتي تؤثرّ على الحاسّة السّادسة فهي صفاء الذّهن وهدوء الأعصاب واعتدال المزاج، كلّما كانت في حالة جيّدة تنشط الحاسّة السّادسة والعكس عندما تكون في حالة رديئة تخبو ويقلّ نشاطها. وبما أنّ العلماء يؤكِّدون على أنّ البلهاء والبدائيين لديهم القدرات الخارقة أقوى من غيرهم، فهذا يعزِّز الرّأي القائل بأنّ الحاسّة السّادسة لا تعتمد على الذّكاء إذ أنّ الذّكاء يتدخّل في التّفكير التّحليليّ المنطقيّ الّذي لا نعتقد بأنّ البلهاء والبدائيين يستخدمونه. وكذلك يدلّ هذا على صحّة الفرض القائل إنّ الإنسان مع مراحل تطوّره الّتي مرّ بها أخذ يفقد تلك القدرة تدريجيًّا نتيجة اعتماده على ما تقدّمه المخترعات والتّكنولوجيا واستخدامه للطّرق الاستقرائيّة والمنهج المنطقيّ المعتمد على المدركات بوساطة الحواس الخمس، فكان هذا سببًا لضمور تلك القدرة (الحاسّة) الّتي يمتلكها، لكنّ الإنسان البدائيّ بحاجة لها واستمرّ على استخدامها لذلك نراها حاضرة عنده وقويّة”.